القاهرة: واصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الاثنين زيارته لمصر، والتي تخللها توقيع البلدين اتفاقًا لتأسيس صندوق مشترك لاقامة مشاريع في محافظات عدة بينها جنوب سيناء، وذلك ضمن خطة سعودية لبناء منطقة اقتصادية ضخمة.

وتأتي زيارة ولي العهد التي بدأها مساء الاحد وتستمر ثلاثة ايام، في مستهل اول جولة خارجية يقوم بها منذ توليه منصبه في منتصف 2017.

وكان الامير محمد أعلن العام الماضي عن مشروع لبناء منطقة اقتصادية ضخمة في شمال غرب البلاد تشمل اراضيَ في الأردن ومصر باستثمارات تبلغ أكثر من 500 مليار دولار، تحت مسمى "نيوم".

وتبلغ قيمة الصندوق المشترك في الاتفاق المصري السعودي 10 مليارات دولار، بحسب مصدر حكومي سعودي، وينص الاتفاق على اقامة مشاريع في الاراضي المصرية المشمولة بالمشروع الضخم والواقعة في جنوب سيناء.

وقال المصدر الحكومي لوكالة فرانس برس إن الدور المصري في الاتفاق قائم خصوصًا على تقديم "أراضٍ مؤجرة على المدى الطويل".

وبحسب بيان للمتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، فقد تم التوقيع في إطار الزيارة على عدد من الاتفاقات في مجال الاستثمار وتأسيس "صندوق استثماري مصري-سعودي بإجمالي مبلغ 16 مليار دولار لضخ الاستثمارات السعودية في تلك المشروعات في عدد من محافظات مصر".

واوضحت وزارة الاستثمار المصرية في بيان أن هذا الصندوق هو "اتفاق معدّل لاتفاق انشاء صندوق سعودي-مصري للاستثمار بين الوزارة (الاستثمار) وصندوق الاستثمارات العامة في السعودية".

وكان الملك سلمان بن عبد العزيز شهد توقيع اتفاق لتأسيس صندوق سعودي-مصري للاستثمار برأس مال 16 مليار دولار عندما زار مصر في 2016.

وقالت الوزارة في بيانها إنها وقعت مذكرة تفاهم بشأن تفعيل الصندوق وسوف يتم تشكيل مجلس ادارة مشترك من الجانبين ليتولى متابعة تنفيذ المشروعات.

ويتطلب انجاز مشروع نيوم، الذي اعلن عنه ولي العهد السعودي العام الماضي، استثمارات قيمتها 500 مليار دولار وسيقام على 26,500 كيلومتر مربع في شمال غرب السعودية على البحر الاحمر، ويتضمن كذلك اراضيَ في الجهة المقابلة في مصر والاردن.

ويعكس المشروع الضخم التقارب الكبير بين القوتين الاقليميتين المتنافستين مع ايران، السعودية، صاحبة اكبر اقتصاد عربي، ومصر اكبر الدول العربية من حيث عدد السكان.

وترتبط مصر والسعودية اصلا بعلاقات اقتصادية وثيقة.

واكد بسام راضي في مقابلة مع التلفزيون المصري أن "السعودية تمثل المستثمر العربي الاول في مصر".

واضاف ان التعاون الاقتصادي وفي مجال الاستثمارات بين البلدين يمثل "جانبًا اساسيًا" من زيارة الامير محمد.

وبالتعاون مع القاهرة وعمان، تسعى الرياض الى جذب شركات ملاحة وسياحة اوروبية تعمل في البحر المتوسط للصيف وفي البحر الاحمر بعد الموسم الصيفي.

مصالح مشتركة

وقام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبن سلمان صباح الاثنين بزيارة للاسماعيلية في منطقة قناة السويس حيث حضرا عرضًا حول تطور المشروعات الكبرى المصرية في هذه المنطقة قبل ان يقوما بجولة في المجرى الملاحي.

وتحدث رئيس هيئة قناة السويس مهاب مميش امام السيسي وبن سلمان عن مشروعات في مجالات عدة من صناعة الحديد والصلب الى تكرير النفط مرورًا بالسياحة.

وقال مميش ان "المجال مفتوح لإنشاء صناعات داخل المنطقة".

ونقل التلفزيون الرسمي وقائع زيارة السيسي للمنطقة، وكان يبث اغنيات وفيديوهات قصيرة تشيد بالسعودية وبالملك سلمان.

على الصعيد الدبلوماسي، للدولتين مصالح استراتيجية مشتركة وتتبنيان خصوصا موقفا مناهضا لقطر التي تتهمانها بالتقارب مع ايران، العدو اللدود للرياض، وبدعم الارهاب وهو ما تنفيه الدوحة.

وتولي واشنطن اهتمامًا بلقاء الرجلين.

فقد تلقى السيسي مساء الاحد، يوم وصول ولي العهد، اتصالاً هاتفيًا من الرئيس الاميركي دونالد ترمب.

وبحسب بيان للبيت الابيض، فقد ناقشا "الدعم غير المسؤول" من روسيا وايران لنظام الرئيس السوري.

ونقل التلفزيون الرسمي ايضًا مساء الاثنين زيارة الرئيس المصري وولي العهد، الذي يسعى لجعل بلاده اكثر انفتاحا على الصعيدين الاجتماعي والثقافي، إلى دار الاوبرا في القاهرة لحضور مسرحية.

وقام بن سلمان بزيارة مشيخة الأزهر، بحسب بيان لها، يرافقه وفد رفيع المستوى، والتقى شيخ الازهر أحمد الطيب.

كما نشرت الصفحة الرسمية للمتحدث باسم الكنيسة القبطية الارثوذكسية أن ولي العهد السعودي سيلتقي الاثنين البابا تواضروس الثاني بالمقر البابوي في الكاتدرائية المرقسية في أول زيارة لمسؤول سعودي منذ زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز في 2016.

وتأتي زيارة بن سلمان لمصر قبل ثلاثة اسابيع من انتخابات الرئاسة التي تجري من 26 الى 28 مارس الجاري، ويبدو ان فوز السيسي بها شبه محسوم في ظل عدم وجود أي منافس حقيقي.

ويبدأ الامير محمد، الرجل القوي في المملكة، الاربعاء، زيارة الى بريطانيا وأخرى الى الولايات المتحدة بين 19 و22 مارس. وسيزور كذلك فرنسا خلال الاسابيع المقبلة.