نصر المجالي: يواجه موقع (فيسبوك) العالمي ضغوطا دولية للإجابة على أسئلة تتعلق باستخدام شركات لبيانات المستخدمين لتحقيق مكاسب سياسية لبعض الأطراف، ومن المنتظر أن يمثل مؤسس الموقع مارك زوكربيرغ أمام لجنة تحقيق برلمانية أوروبية.

وتابعت (إيلاف) الضحة ـ الفضيحة التي هزت الثقة بموقع مثير ومهم كـ(فيسبوك) وعلاقته بالشركة ذات العلاقة وهي كامبريدج أناليتيكا (Cambridge Analytica LLC) التي هي شركة مملوكة ملكية خاصة تجمع بين استخراج البيانات، وساطة البيانات، وتحليل البيانات مع الاتصالات الاستراتيجية للعملية الانتخابية.

وكان تم إنشاؤها في عام 2013 كفرع من الشركة الأم البريطانية SCL Group للمشاركة في السياسة الأميركية، وفي عام 2014 ، شاركت كامبريدج أنليتيكا في 44 سباقًا سياسيًا أميركيًا.

وتعتبر شركة "كامبريدج اناليتكا" الوحدة الأميركية لشركة "إس سي إل" البريطانية التي تعني بالتسويق السلوكي، وهي برزت على الصعيد العالمي بعد أن استأجرت خدماتها مجموعة داعمة لـ(بريكست) من أجل جمع المعلومات واستهداف الجمهور.

الشركة مملوكة جزئياً لعائلة الملياردير روبرت ميرسر، وهو مدير صندوق أميركي للتحوط يدعم العديد من الأسباب السياسية المحافظة. تحتفظ الشركة بمكاتب في لندن ونيويورك سيتي وواشنطن العاصمة. 

ملايين ميرسر

وحصلت "كامبريدج اناليتكا" على تمويل يقارب 15 مليون دولار من الصندوق الاستثماري التابع للملياردير ميرسر الذي يعد من أكبر المتبرعين للحزب الجمهوري. وفي تقرير سابق لصحيفة "أوبزرفر" يتبين أن رئيس رئيس الشركة في ذلك الوقت كان ستيف بانون الذي تم طرده من وظيفته كمستشار لترامب الصيف الماضي.

وفي عام 2015 ، أصبحت تعرف باسم شركة تحليل البيانات التي تعمل في البداية لحملة تيد كروز الرئاسية. وفي عام 2016 ، بعد أن تعثرت حملة كروز، عملت الشركة التي تعرف اختصارا بـ(CA) لصالح حملة دونالد ترمب الرئاسية. 

وفي حملة Leave.EU لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. كان دور كامبريدج أناليتكا - CA في تلك الحملات مثيراً للجدل وهو موضوع تحقيقات جنائية مستمرة في كلا الجانبين، حيث يشكك علماء السياسة في ادعاءات الشركة حول فعالية أساليبها في استهداف الناخبين. 

معلومات مقابل ملايين 

وفي 17 مارس 2018، نشرت صحيفتا (نيويورك تايمز الأميركية وأوبزرفر البريطانية) تقريرا عن استخدام كامبردج أناليتيكا للمعلومات الشخصية التي تم الحصول عليها من فيسبوك ، من دون إذن، من قبل باحث خارجي زعم أنه يجمعها لأغراض أكاديمية. 

وذكرت الصحيفتان أن الشركة الأميركية سرقت معلومات من 50 مليون مستخدم للفيسبوك في أكبر خرق من نوعه لموقع التواصل الاجتماعي الأكبر في العالم، لاستخدامها في تصميم برامج بإمكانها التنبؤ بخيارات الناخبين والتأثير عليها في صناديق الاقتراع.

حظر وكرد فعل على ذلك ، حظر فيسبوك "كامبردج أناليتيكا" من الإعلان على منصتها. وكانت صحيفة (الغارديان) البريطانية ذكرت أن موقع Facebook قد عرف عن هذا الخرق الأمني لمدة عامين ، لكنه لم يفعل شيئًا لحماية مستخدميه. 

كما تم تعليق حساب منظمة "ستراتيجيك كوميونيكيشن لابوراتوريز" أيضاً التي تتبع لها الشركة، إضافة الى حسابي ألكسندر كوغان عالم النفس من جامعة كامبريدج وكريستوفر وايلي الذي يدير مؤسسة تدعى "يونويا تكنولوجيز".

رئيس تنفيذي يتباهى

ويقول موقع (ويكيبيديا) إن سلسلة من مقاطع الفيديو التحقيقية التي تم إصدارها في مارس 2018 ، أظهرت الرئيس التنفيذي لكامبريدج أناليتيكا الكسندر نيكس يتباهى باستخدام العاهرات والرشوة و"مصائد العسل" لتشويه سمعة السياسيين الذين يجرون أبحاثًا عنهم، كما زعم الكسندر نيكس أيضا أن الشركة "كانت تدير كل حملة (دونالد ترمب) الرقمية"، بما في ذلك الأنشطة غير القانونية المحتملة. وحينها طلب مفوض المعلومات في المملكة المتحدة الحصول على مذكرة تفتيش لملقمات الشركة.

ضربة حقيقية

وجاء الكشف الذي شكل ضربة للشركة في التحقيق الذي كانت أجرته القناة 4 البريطانية على مدار أربعة أشهر عن (كامبريدج أناليتيكا) ابتداءً من نوفمبر 2017. وبدأت بثه يوم الاثنين 19 مارس 2018.

وفي التحقيق الاستقصائي تقدم مراسل متخفي كعميل محتمل لـ Cambridge Analytica ، على أمل مساعدة المرشحين السري لانكيين على الانتخاب. وتم نشر لقطات فيديو من هذه العملية في 
وفي إحدى اللقطات، يقول مديرو كامبريدج أناليتيكا إنهم عملوا في أكثر من 200 انتخابات في جميع أنحاء العالم. وتم في التحقيق تسجيل حديث للرئيس التنفيذي ألكسندر نيكس، حيث تحدث بلا رقابة أو حدود عن ممارسات الشركة". 

فخاخ العسل

ويتباهى نيكس حول كيفية استخدام شركته عن ما يسميه "فخاخ العسل" أي الفتيات الجميلات، ودفع الرشوة ، والبغايا، لأغراض البحث عن المعارضين. وعلى سبيل المثال، عرض نيكس تشويه سمعة المعارضين السياسيين في سري لانكا بمقاطع فيديو موحية باستخدام "الفتيات الأوكرانيات الجميلات" وعروض الرشاوى ، حتى لو لم يقبل الخصوم بالعروض.

وفي تحقيق القناة الرابعة البريطانية، يتباهى نيكس ايضا بكيفية قيام "كامبريدج اناليكيا" بتشغيل جميع الحملات الرقمية" لصالح ترمب ، وهذا يتضمن أنشطة غير قانونية محتملة. وذكر نيكس أن الشركة استخدمت اتصالات قد تكون مدمرة للذات والشخصية، دون ترك أدلة تدينها. 

وظهرت لقطات للرئيس التنفيذي لكامبريدج أناليتيكا، يقترح تكتيكات يمكن أن تستخدمها شركته لتشويه سمعة السياسيين عبر الإنترنت. وقالت القناة إن مراسلها تواصل مع نيكس منتحلا هوية مندوب عن زبون ثري يريد إنجاح مرشح سياسي في الانتخابات في سريلانكا.

وفي إجابة عن سؤال المراسل حول الطرق التي تتبعها شركته وما يمنكها القيام به من "البحث العميق"، قال نيكس "في الواقع نحن نفعل أكثر من ذلك بكثير".

وشرح إحدى الطرق لاستهداف شخص ما بأنهم "يقدمون له صفقة خيالية لا يمكن رفضها ويحرصون على توثيق ذلك في شريط مصور".

وأضاف نيكس أن من الطرق المتبعة أيضا "إرسال بعض الفتيات إلى منزل المرشح "مضيفًا أن "الفتيات الأوكرانيات جميلات جدا، وأجد هذه الوسيلة ناجعة للغاية، إني أعطيك أمثلة عما يمكن فعله وعن وسائل استخدمناها بالفعل".

تعليق مهمات

وبعد الكشف عن الفضيحة المدوية بث الأخبار ، قام مجلس إدارة شركة كامبريدج أناليتيكا بتعليق عمل نيكس كرئيس تنفيذي. كما أصدرت الشركة بيانًا قالت فيه بأن الادعاءات لا تمثل أخلاقيات الشركة ، وأعلنت أن جهة مستقلة ستبدأ تحقيقا شاملا. 

وعلى الرغم من ذلك، قالت كامبردج أناليتيكا إن تقرير القناة الرابعة "قد حرّف على نحو فظيع" المحادثات التي التقطتها الكاميرا. واضافت: "كنا نتماشى مع هذه المحادثة بغية تجنيب عميلنا الحرج، لذلك عرضنا على سبيل التسلية سلسلة من السيناريوهات الافتراضية المثيرة للسخرية".

وأكدت "كامبريدج اناليتيكا" لا تتقبل أو تنخرط بأساليب ملتوية كالرشوة ونصب الافخاخ". ومن جهته، قال نيكس لبرنامج "نيوزنايت" على تلفزيون (بي بي سي) إنه يعتبر التقرير "تحريفا للحقائق"، مضيفا أنه شعر بأن الشركة كانت ضحية"مكيدة مدبرة بشكل متعمد".

 

رئيس كامبريدج اناليتكا الموقف عن العمل

 

ضغوط 

وإلى ذلك، يطالب الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي ومجلس العموم البريطاني إدارة (فيسبوك) بالرد على الاتهامات بشأن ببيع بيانات المستخدمين لشركات تعمل على الإنترنت واتهمت بالمشاركة في توجيه حملات دعائية للناخبين الامريكيين على فيسبوك لدعم حملة دونالد ترامب في الانتخابات الماضية.

ووجهت لجنة تحقيق برلمانية في مجلس العموم البريطاني دعوة لمؤسس (فيسبوك) مارك زاكربيرغ لحضور جلسة قريبا والإجابة على بعض الأسئلة والاستفسارات بخصوص استخدام شركة بريطانية معلومات 50 مليون مشترك على فيسبوك في أعمال خارجة عن القانون.

وفي الوقت نفسه، تسعى السلطات في بريطانيا للحصول على إذن قضائي يسمح لها بتفتيش مكاتب شركة "كامبريدج أناليتيكا" التي تواجه تلك الاتهامات باستخدام البيانات الشخصية لمستخدمي فيسبوك للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.