التصريحات الأخيرة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حول حركة حماس والسفير الأمريكي في إسرائيل كانت غير موفقة في رأي العديد من الصحف العربية والكتاب.

ويرى معلقون بأن تلك التصريحات تعكس "حالة من الإحباط التي يعيشها عباس" ربما بسبب حالته المرضية.

وكان عباس قد اتهم حركة حماس بالوقوف خلف محاولة اغتيار رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله. كما استخدم عباس وصفاً مهيناً في هجومه علي السفير الأمريكي في تل أبيب.

"حديث صادم"

يقول عبدالباري عطوان في رأي اليوم اللندنية: "تَعكِس التَّصريحات والاتّهامات التي صَدرت عن الرئيس الفِلسطيني محمود عباس، سَواء تِلك المُتعلّقة بالسفير الأمريكي في تل أبيب، أو الأُخرى التي تَضمَّنت اتّهامات لحَركة حماس بالوُقوف خَلف التّفجير الذي استهدف مَوكِب الدكتور رامي الحمد الله، رئيس الوزراء، في مَدخَل قِطاع غزّة، حالة من الإحباط النَّفسي التي يَعيشها، وربّما استفحال حالته المَرضيّة أيضا".

ويضيف عطوان: "نحن مع الرئيس عباس في غَضَبِه على السفير الأمريكي ورئيسه في واشنطن، ولكنّنا لسنا مع الرَّد بالشَّتائِم، وإنٍما بالإجراءات العَمليّة، وهَدم المَعبد على رُؤوس الجَميع، فلم تَعُد هُناك عمليّة سَلام، ولا حَل الدَّولتين، ولا حَل الدَّولة الواحِدة، ولا كرامة للشَّعب الفِلسطيني".

ويقول عدلي صادق في العرب اللندنية: "في حديثه الصادم مساء الاثنين، ارتجل عباس الكلام، وهو ينزلق كلما ارتجل. كان بمقدوره أن ينتقد بحدّة وبمفردات السياسة، انحياز سفير أميركا لدى إسرائيل للمستوطنين، دون أن يلجأ إلى تشبيه السفير وأبيه بالكلاب ثم يضطر إلى الاعتذار المُهين".

ويرى الكاتب أن عباس "فاتته التبعات السياسية على منزلق لفظي لا داعي له" بإطلاق ذلك الوصف علي السفير الأمريكي، وأنه "تعجّل بإدانة حماس، وفتح الباب لافتراضات أخرى".

ويشير إلى أن الحادثة ربما يكون "مفتعلة لتحقيق هدف آخر، وهو الإجهاز حتى على فرضية ارتباط الضفة بغزة، لتمرير ما يسمّى 'صفقة القرن' وإرجاع حماس إلى مربّعها الأول كمتهمة بالعنف الإرهابي، بعد أن نجحت في تسوية مشكلتها الأمنية مع مصر".

ويرى محمد خروب في الرأي الأردنية أن عباس لم يكن في حاجة "للخروج علي نص مكتوب ليقوم بنعت هذا المسؤول الأمريكي صهيوني الهوى والهوية بتلك الصفة المهينة التي يمكن للأعداء والمتربصين والمتواطئين توظيفها في غير صالح القضية الفلسطينية، رغم قناة الجميع أنها صفة أقل بشاعة بكثير من الجرائم التي يرتكبها الأمريكيون والصهاينة بحق الشعب الفلسطيني والأمة العربية".

ويقول ماجد الأنصاري في العرب القطرية إن عباس "يجني اليوم ثمار سنوات من التنازلات غير الضرورية، بهدف البقاء في السلطة، تلك التنازلات التي تركته اليوم عاريا أمام الرياح".

يضيف الكاتب: "يعلم عباس أن نهاية رئاسته على الأبواب، وهو أمام خيارين، إما أن يرحل في صورة المقاوم الذي رفض التنازل، وبالتالي يبيض صفحته بعد سنوات من التنازلات... أو أن ينبطح للعاصفة، ويمر عليه مشروع وأد القضية الفلسطينية، ولكنه هنا كذلك يعلم أن نهايته ستكون مخزية، وسيخسر منصبه وعلاقاته في آن واحد".

ضرورة الوحدة الفلسطينية

تشدد صحيفة القدس الفلسطينية في افتتاحيتها علي أن "وحدة الساحة الفلسطينية والترفع على المصالح الفئوية والحزبية والشخصية بات ضرورة ملحة لا تحتمل التأجيل أو التأخير في ضوء ما نحن به وما نواجهه من تحديات ومخاطر".

وتقول الصحيفة: "إن ما نشاهده ونعيشه الآن من انقسام أسود على الساحة الفلسطينية وتراجع دور منظمة التحرير وبقاء فصيلين رئيسين خارج إطار منظمة التحرير، أدى إلى اشتداد حدة المؤامرات التصفوية ضد شعبنا وقضيته الوطنية العادلة والمعترف بها عالميا".

في السياق ذاته، يقول صابر عارف في نفس الصحيفة: "يزداد الوضع الفلسطيني انقساما وتعقيدا بعد جريمة محاولة الاغتيال الاسبوع الماضي في غزة".

ويعبر الكاتب عن اعتراضه علي اتهام حماس بالوقوف خلف محاولة الاغتيال، لكنه في الوقت ذاته، لا يستبعد في الوقت ذاته ضلوعها في محاولة الاغتيال، داعياً إلى "انتظار نتائج التحقيق من أي جهة مسؤولة تتمتع بهذا الحق".

ويشير عارف إلى أن هناك ضرورة "للمراجعة السياسية وغير السياسية، ولإعادة النظر بكل المكونات والمؤسسات الفلسطينية التي تشكل شيئا اسمه النظام السياسي الفلسطيني الذي أوصلنا لما نحن فيه من تيه وانحدا".

ويرى الكاتب أن "تلك القيادة وتلك الفصائل غير قادرة وغير مؤهلة للقيام بتلك المراجعات المطلوبة الضرورية لإنقاذ الوطن والشعب الآن وقبل فوات الآوان، وحتى نوقف على الاقل هذه النار المشتعلة".

وفي مقال تحت عنوان "المصالحة الفلسطينية الصفرية"، يقول أحمد عزم في الغد الأردنية: "يريد الرئيس الفلسطيني احتكار السلطة لكل السلطات في غزة، بدءا، من الأمن والمساعدات وجباية الضرائب والرواتب، والمعابر.. إلخ. في المقابل ترفض "حماس" عمليا التنازل عن السلطة في مجالات عدة وتضع شروطا مسبقة كثيرة للتراجع".

ويرى الكاتب أن "جزءا مما يحدث هو ميل حماس لمرحَلة التفاوض (التفاوض على مرحل) مع الرئيس الفلسطيني، بحيث لا تتنازل إلا عن القليل في كل مرحلة، وتبقي ملفات مفتوحة للمجهول".

من جانبه، يوجه صالح القلاب انتقادات لاذعة لحركة حماس واصفا إياها بانها "فكرة شمولية مضادة للدعوة القومية العربية".

يقول الكاتب: "حماس نفسها وبقياداتها الحالية التي هي مجرد واجهة فلسينية للتنظيم العالمي الإخواني قد نفذت ذلك الإنقلاب الدموي علي السلطة الوطنية وعلي فتح وعلى منظمة التحرير".