«إيلاف» من برلين: ذكر باحثون من المركز الطبي في دالاس انهم كشفوا عن انزيم معين يفرزه الكبد بعد تعاطي الكحول ويسبب العطش عند الإنسان، وخصوصاً في المساء.

وعمم المركز الطبي في جامعة جنوب غرب تكساس تقريراً صحفياً، نشرته مجلة"الطبيب الألماني"، ويتوقع العلماء فيه الاستفادة من هذا الانزيم مستقبلاً في مكافحة الإدمان على الكحول. إذ بدا من البحوث ان الكبد يفرز هذا الانزيم في عملية دفاعه عن خلاياه ضد التشحم والتليف الناجم عن تعاطي الكحول، كما يعبر ذلك عن الحاجة إلى الماء(العطش) بعد عملية غسيل للكبد المتضرر بالكحول.

ومعروف ان الجسم يطالب بالماء كلما زادت كمية الكحول التي يتعاطاها الإنسان سواء كان المشروب هو البيرة أو النبيذ أو الكحول الثقيل. ويقول الباحثون الآن أن الكبد يفرز انزيماً يقوم بتحفيز المركز المسؤول عن الشعور بالعطش في الدماغ، وان ذلك عبارة عن آلية دفاعية ضد جفاف الجسم، وضد تليف الكبد.

وطبيعي يحتاج جسم الإنسان إلى الكثير من الماء عادة، وغني عن القول ان الماء يشكل الجزء الأعظم من العضلات والأنسجة البشرية. ويعمل الدماغ على إعادة التوازن إلى كمية الماء في الجسم عندما تختل بسبب الجفاف أو الاكثار من الكحول أو غيرهما من العوامل.

عزل انزيم FGF21

حاول فريق الباحثين بقيادة ستيفن كليوير، من المركز الطبي في جامعة جنوب غرب تكساس، الكشف عن سر العطش الليلي بعد تعاطي البشر للكحول.

وأجرى كليوير تجاربه على فئران الإختبار وتوصل مع فريق عمله إلى عزل انزيم خاص اسمه FGF21يفرزه الكبد في الفئران التي عمد العلماء على محاكاة تعاطيها الكحول.

وللتأكد من النتائج أجرى فريق العمل ابحاثه على مجموعتين من الفئران، وعمدوا في المجموعة الأولى على هندستها وراثياً بحيث تعجز أكبادها عن فرز هذا الانزيم. وتشكلت المجموعة الثانية من فئران اختبار اعتيادية.

وظهر من الفحوصات ان الفئران في المجموعتين تناولت نفس الكمية من الماء بعد تناولها لطعام اعتيادي خال من الكحول. ولكن الفئران المهندسة وراثياً(دون إنزيمFGF21) لم تتناول الكثير من الماء حينما زودت بأغذية تحاكي تعاطي الكحول، في حين صارت الفئران الاعتيادية في المجموعة الثانية تبحث عن الماء بشدة.

الانزيم قلل نزوع الفئران لتعاطي الكحول

وتوصل العلماء إلى أن انزيمFGF21 حفز منطقة الدماغ في الهايبوثالاماس المسؤولة عن العطش في الفئران الاعتيادية، وعمل الدماغ بالتالي على منع جفاف الجسم الناجم عن تعاطي الكحول. والمهم أيضاً أن هذه العملية قللت نزوع الفئران الاعتيادية لتناول المزيد من الأغذية الشبيهة بالكحول.

ويعتقد العلماء أن عملية تحفيز الدماغ نحو المزيد من تناول الماء لاتختلف في البشر عن الفئران. وللتأكد من ذلك فقد أجرى العلماء تجاربهم المختبرية على متطوعين من البشر أيضاً.

وبالفعل عمل تعاطي الكحول المحلى بعصير الفواكه عند المتطوعين إلى زيادة فرز هرمون FGF21 في الكبد. وبدأ فرز النزيم بالتزايد حتى بلغ أقصاه بعد ساعتين من شرب الكحول، ثم عاد لينخفض بعد ذلك بالتدريج. ولم يرصد العلماء فرز هذا الانزيم عند المتطوعين عندما تناولوا عصير الفاكه فقط(دون كحول).

علاج جديد للادمان

وذكر ديفيد مانجلسدورف، زميل كليوير وأحد المشاركين في الدراسة، ان الكشف عن انزيم FGF21 سلط الضوء على أسرار عملية الشعور بالعطش بعد تعاطي الكحول. وأضاف انه يتوقع ان يستخدم هذا الانزيم يوماً في علاج الادمان على الكحول بعد أن ثبت أنه يقلل نهم البشر للكحول أيضاً. ويمكن في الأقل مستقبلاً استخدامه في وقف الاضرار التي تلحق بالكبد والجسم عموماً نتيجة معاقرة الكحول لفترات طويلة.

30-50 من أمراض الكبد يسببها الكحول 

لايتحول تشحم الكبد، إلى تليف قاتل إلا عند 10-15% من مدمني الكحول، بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية.كما ان 30-50 من أمراض الكبد يسببها الكحول بشكل مباشر أو غير مباشر. علماً أن تليف الكبد يصيب5-7% من سكان العالم الصناعي.

وكانت دراسات سابقة للأمم المتحدة توصلت إلى ان تحول الكبد المتشمع إلى كبد متليف تتعلق بكمية الكحول التي يتناولها الشخص خلال سنة. ويفترض الخبراء ان تناول الكحول بصورة دورية منتظمة يزيد من خطره بغض النظر عن كمياته. ويؤدي عجز الكبد المزمن إلى وفاة 6 ملايين من سكان العالم سنوياً، وكان السبب دائماً هو فرط تعاطي الكحول وبغض النظر عن كمياته(تليف الكبد الكحولي).

 إلا ان نتائج دراسة جديدة لمنظمة الصحة العالمية، نشرت في وقت سابق من هذا العام، وشملت متعاطين للكحول من193 دولة، تثبت ان الشخص الذي يتناول المشروبات الكحولية باعتدال مع مرور الوقت يصبح مدمناً، مما يسبب ارتفاع احتمال اصابته بتليف الكبد بنسبة11%.

تكشف إحصائيات هيئة مكافحة الإدمان بين الشباب الألمان ان 69% من القاصرين من عمر 12-17 سنة لديهم خبرة في شرب الكحول، ومنهم نسبة 14,7% ممن يتعاطون الكحول بانتظام، مع نسبة 17,4% نجوا مرة واحدة في الأقل من تسمم كحولي قاتل.