«إيلاف» من نيويورك: تشير الاحداث التي رافقت تولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب زمام الحكم في بلاده، الى ان الأخير حقق نجاحات في السياسة الخارجية اكثر من الداخلية رغم رفعه شعار أميركا أولا.

وقبل وصوله الى البيت الأبيض، كان حضور الولايات المتحدة في الساحات الساخنة بالعالم خجول الى حد معين، فواشنطن تاهت في الشرق الأوسط مع توقيع الاتفاق النووي مع ايران التي استفادت الى اقصى حد من هذا الاتفاق ووظفته في خدمة مشاريعها، وغابت كوريا الشمالية وترسانتها النووية عن السمع باستنثاء بعض البيانات التذكيرية التي كانت تصدر عن إدارة الرئيس السابق بين فينة وأخرى.

الرئيس الحالي وجد نفسه فجاة أمام مجموعة كبيرة من الازمات التي تساهم في التأثير بشكل مباشر او غير مباشر على الامن القومي الأميركي، ولطالما عمل طوال حملته الانتخابية على تسليط الأضواء على ما اعتبره اخطاء ادارة اوباما القاتلة التي سمحت بنشوء داعش، وتوسع طهران، وتهديد بيونغ يانغ الدائم لأميركا والدول الحليفة لها في اسيا.

ضربتان في سوريا

وفي الوقت الذي عاصرت فيه إدارة أوباما خمسة أعوام من الحرب السورية مكتفية بوضع خطوط حمراء امام النظام كانت تسقط بعد فترة قصيرة، وإصدار بيانات التهديد والوعيد، ضرب ترمب في مناسبتين قواعد عسكرية سورية بعد اتهام دمشق باستخدام أسلحة كيميائية في خان شيخون ودوما، ورغم حديثه عن سحب قواته من سوريا، غير ان الوقائع تشير الى ان الجيش الأميركي ومنذ بداية العهد الحالي اقام قواعد جديدة في مناطق تواجده بالشرق السوري، وانحسر نفوذ تنظيم داعش بشكل كبير بعدما كان مسيطرا على مساحات شاسعة في العراق وسوريا.

اسقاط الاتفاق النووي

الاتفاق النووي مع ايران كان حاضرا في حملة ترمب الذي تحدث كثيرا عن مساوئه، وافساحه بالمجال امام طهران للتمدد بشكل اسرع في الشرق الأوسط، واذا ما سارت الأمور على ما هي عليه حتى الآن فمن المتوقع ان يطلق الرئيس الأميركي رصاصة الرحمة على هذا الاتفاق خلال الشهر القادم، مما يؤشر الى مرحلة جديدة من المواجهة بين طهران وواشنطن.

تحالف عربي اميركي

ونجح ترمب أيضا في إعادة الحياة الى العلاقات الأميركية العربية التي شهدت توترا كبيرا ابان حكم باراك أوباما الذي خاصم مصر، وشهد عهده علاقة باردة مع دول الخليج، لكن خيار الرئيس الحالي ببدء جولاته الخارجية انطلاقا من الرياض اسهم في نشوء تحالف عربي أميركي جديد لمحاربة الإرهاب ومجابهة التوسع الإيراني.

تطويع بيونغ يانغ

ولعل ابرز إنجازات ترمب الخارجية، تظهر بشكل بارز في كوريا الشمالية التي كانت قد أقفلت أبواب الحوار امام جميع المسؤولين الاميركيين. بيونغ يانغ اليوم وبعد الضغوط التي مارسها البيت الأبيض بكثافة منذ اكثر من عام تتحضر للقاء القمة بين زعيمها كيم جون اون والرئيس الأميركي، ولم تتوان عن تقديم بوادر حسن نية كان اخرها إعلانها التوقف عن إجراء التجارب النووية والصاروخية على الفور وهدم موقع مخصص للتجارب النووية في شمال البلاد سعيا لتحقيق النمو الاقتصادي وإحلال السلام على شبه الجزيرة الكورية.

نجاح في ملف الضرائب

داخليا، اكتفى الرئيس الأميركي بتنفيذ مشروع الإصلاح الضريبي الذي يعد احد ابرز المشاريع التي وعد بتطبيقها بحال نجاحه، ورغم تحسن عجلة الاقتصاد إلا ان ترمب لم ينجح في الغاء واستبدال نظام الرعاية الصحية المعروف باسم أوباما كير، ولا يزال الجدار الذي وعد بتشييده على الحدود الجنوبية مع المكسيك ينتظر وضع حجر الأساس.

معاناة داخلية

ويعاني الرئيس الأميركي من التحقيقات التي يقوم بها فريق المحقق الخاص روبرت مولر والتي تترافق مع تغطية إعلامية هائلة تحاول اثارة الهلع في صفوف مسؤوليه، كما تشهد ادارته فوضى كبيرة، فآخر الاخبار تشير الى ان وزير العدل، جيف سيشنز هدد بالاستقالة بحال اقدم ترمب على طرد نائبه رود روزنستاين من منصبه، ما يعني ان الادارة بأكملها أصبحت بين مطرقة مولر وسندان وزارة العدل، خصوصا ان ترمب الذي يشكو من محاصرة المحقق الخاص له، اصبح امام خيارين، اما عودة سيشنز عن تحييد نفسه عن التحقيقات في تدخل روسيا مما يسمح له بالاشراف مباشرة على عمل مولر بدلا من روزنستاين، أو سيضطر ترمب الى طرد سيشنز ومعه نائبه، وقد تسبب هذه الخطوة ازمة توازي أزمة طرد مولر نفسه، خصوصا ان خبر استقالة أي مستشار في الإدارة بات يتصدر عناوين الاخبار لايام طويلة.