قطع حزب الاستقلال المغربي حبل الود الذي كان يجمعه بحكومة سعد الدين العثماني، من خارجها، وأعلن بشكل رسمي الاصطفاف في المعارضة لمواجهة الإختيارات السياسية والاقتصادية للحكومة، بعدما كان متبنيًا المساندة النقدية للحكومة.

إيلاف من الرباط: جاء قرار الحزب خلال انعقاد الدورة العادية لمجلسه الوطني (برلمان الحزب) اليوم السبت، في الرباط، بعدما صوّتت غالبية أعضاء المجلس لمصلحة قرار إعلان المعارضة الصريحة للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية.

وشنّ نزار بركة، أمين عام حزب الاستقلال، هجومًا حادًا على الحكومة وحصيلتها، بعد سنة من العمل، معتبرًا أن ما حققته "لا يرقى إلى المستوى المطلوب"، وذلك في انتقاد واضح منه للحصيلة التي تستعد الحكومة تقديمها في الأيام المقبلة، وترى أنها إيجابية ومليئة بالإنجازات.

قال بركة أمام أعضاء برلمان حزبه: "نحن في حزب الاستقلال نسجل أن هناك هدرًا غير مفهوم لزمن الإصلاح، وتلكؤًا في استكمال منظومة الإصلاحات المؤسساتية والهيكلية التي أتى بها دستور 2011 في فلسفته وروحه ومقتضياته المنصوص عليها". 

أضاف أمين عام حزب الاستقلال أنه على الرغم من مرور ما يناهز سنة ونصف سنة على ولاية الحكومة الحالية، فإن "العديد من الملفات ذات الأولوية والأهمية لا يزال مُغْلقًا أو مُعَلَّقًا أو مُؤجلًا إلى حينٍ غيرِ معلوم، أو لوجود ارتباك أو تردد في التقدير"، مستدلًا على ذلك التردد بـ"القانون الإطار لإصلاح التعليم، والإصلاح الشامل لأنظمة التقاعد، واستكمال الإصلاح الشمولي لنظام المقاصة والدعم الاجتماعي".

وزاد بركة موضحًا أنه إضافة إلى الأولويات الملحّة، فإن حزبه يستشعر بأن الأداء الحكومي "منشغل بمعالجة الأمورالجارية فقط، ويتحرك ببطء ملحوظ في تنفيذ الالتزامات المعلن عنها، وفي التفاعل الفوري والناجع مع المطالب الاجتماعية المشروعة للساكنة في عدد من المناطق"، وهو ما يمثل إدانة للحكومة وتحميلها مسؤولية تزايد الاحتجاجات في عدد من مناطق البلاد. 

مضى بركة في هجومه على الحكومة، وقال إن التباطؤ في التفاعل وأجرأة الالتزامات، عندما لا تَسنُده رؤية شمولية، ويفتقر إلى مقاربة استباقية للأزمات، وإيجاد الحلول الملائمة والمبتكرة، تصبحُ له كلفةٌ إضافية تزيد من حدة الاحتقان، وتبديد منسوب الثقة، مبرزًا أن هذا الأمر يؤدي إلى "إضعاف آليات الوساطة والحوار البناء والمسؤول، ليتركَ الفراغَ أمام التعبيرات اليائسة والعدمية والمقاربات الصدامية"، حسب تعبيره.

وأشار بركة إلى أن الحكومة الحالية محظوظةً بالمقارنة مع الحكومات السابقة، لأنها "تتمتع بولاية خالية من أي استحقاق انتخابي طيلة السنوات الخمس من عمر الولاية"، معتبرًا أنها فرصة نادرة "يُتيحها الزمنُ السياسي للحكومة نرجو في حزب الاستقلال ألا يتم إهدارُها".

كما دعا بركة حكومة العثماني إلى مباشرة الإصلاحات واتخاذ "المبادرات الفورية والاستباقية وتسريع المشاريع التي تضمن للمغاربة فعلية النموذج المجتمعي المتوازن والمتضامن، من خلال تحسين مستوى العيش، وضمان التعليم والصحة والتشغيل والسكن للفئات الفقيرة والهشة، خاصة في العالم القروي والمناطق الجبلية والمعزولة، وغيرها من مقومات العدالة الاجتماعية والترابية والتوزيع المنصف للثروة الوطنية".

بخصوص شكل المعارضة التي سينهجها حزب الاستقلال، أفاد بركة بأنها ستكون "معارضة استقلالية وطنية معبأة للدفاع عن الجبهة الوطنية الداخلية"، مؤكدًا أنها ستشارك في "التحولات الكبرى في بلادنا وبلورة الحلول القابلة للتطبيق".

أضاف مبينًا أن هذه المعارضة "ستحرص على إسماع الصوت الآخر داخل المجتمع، وتقوي أدوار المؤسسة البرلمانية، بما يجعلها قادرة على تطوير الممارسة السياسية وفق رؤية جديدة، من خلال التفاعل مع المواطنين، والترافع والتعبئة وتنشيط فضاءات الحوار الوطني".

يرتقب أن ينتخب المجلس الوطني لحزب الاستقلال رئيسًا له، حيث يعد رئيس الفريق النيابي للحزب بمجلس النواب، نور الدين مضيان، أحد أقوى المرشحين للظفر برئاسة برلمان الحزب، إلى جانب منافسه رحال المكاوي، الذي يحظى بدعم من القيادي النافذ في حزب الاستقلال، حمدي ولد الرشيد.