تعكف وكالة الأمم المتحدة للهجرة في العراق ووزارة الحكومة الألمانية على تكثيف التعاون لدعم إعادة الإندماج المستدام للمهاجرين العراقيين في مجتمعاتهم المحلية بعد عودتهم من ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية إلى بلدهم.

إيلاف: استنادًا إلى خبرة المنظمة الدولية للهجرة الطويلة في مساعدة المهاجرين على العودة وإعادة الاندماج ضمن ظروف آمنة وطوعية وكريمة، تهدف هذه المبادرة المشتركة إلى زيادة نطاق الدعم المقدم إلى العراقيين العائدين من خلال تعزيز الاستشارة والتوظيف ودعم الأعمال التجارية وبرامج التدريب المهني للاجئين والمهاجرين بمجرد عودتهم إلى العراق.

ويبلغ عدد المهاجرين واللاجئين العراقيين في ألمانيا حوالى 150 الف نسمة، غادر معظمهم بلده بسبب الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية السيئة بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وقبلها الحصار الدولي على البلاد، عقب احتلال العراق للكويت عام 1990.

وقال جيرد مولر وزير الاتحاد الألماني للتعاون الاقتصادي والتنمية خلال مراسم توقيع اتفاقية مع المنظمة الدولية للهجرة في العراق في بغداد "إن هدفنا هو التعاون مع الحكومة العراقية ومع أصحاب المصلحة الآخرين مثل المنظمة الدولية للهجرة لتأسيس دورات تدريبية وخلق فرص العمل لمئات الآلآف من الشباب والعاطلين عن العمل داخل العراق".

عودة 9 آلاف لاجئ عراقي من ألمانيا
وفي الربع الأول من العام الحالي 2018 عاد أكثر من 450 عراقيًا طوعًا إلى وطنهم من ألمانيا، بدعم من المنظمة الدولية للهجرة وبالتعاون مع الحكومة الألمانية. وفي السنوات الأخيرة اعتبرت ألمانيا الوجهة الأولى للمهاجرين العراقيين، ومع ذلك فخلال السنوات الثلاث الماضية عاد أكثر من 9 آلاف عراقي في ألمانيا طوعيًا إلى ديارهم من خلال برنامج المنظمة الدولية للهجرة للعودة الطوعية، الذي تموّله الحكومة الألمانية، حيث عاد منهم 722 لاجئًا في عام 2015، و5660 في عام 2016، و2859 في 2017.

ووفقًا للاتفاق ستعمل المنظمة الدولية للهجرة في العراق والحكومة الألمانية على توفير الموارد والخدمات التي تركز على العائدين من الخارج والنازحين العائدين وأعضاء المجتمعات المضيفة.

وقال جيرارد وايت رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق "يؤكد هذا الاتفاق على التزامنا المشترك بالدعم المستمر للإنماء وإعادة إعمار عراق مزدهر ومستقر".. مضيفًا: "يقر إطار العمل هذا بالأهمية الحيوية لنجاح إعادة إندماج المهاجرين في إعادة بناء بلدهم".

في هذا الصدد أشار عبد الكريم عبد الله وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية إلى "أن التعاون بين الحكومات والمنظمات الدولية لدعم العودة الطوعية وخلق فرص العمل للشباب والعائدين من المهجر أمر مهم جيدًا، حيث إن إعادة الاندماج في المجتمع العراقي يأتي في الوقت المناسب مع تحسن الوضع الأمني".

برنامج دعم العائدين
أحد المهاجرين الذين عادوا أخيرًاً إلى وطنهم، اسمه منير، وهو مواطن عراقي شاب مكث في ألمانيا عام 2016 قبل عودته إلى موطنه في بغداد لرعاية أمه المريضة وأخيه الأصغر. 

قال منير "منذ حوالى شهر أبلغتني المنظمة الدولية للهجرة عن مشروع جديد يدعم العائدين من ألمانيا. فقمت بزيارة مكتبهم في بغداد، وبعد تلقي المشورة والقيام ببعض الإجراءات، حصلت على وظيفة سائق أجرة (تاكسي) لدى شخص يملك سيارة، وبحاجة إلى سائق".

يشمل الدعم للعائدين المساعدات التنظيمية مثل: ترتيبات السفر، والمساعدة على تحضير الوثائق، والرعاية الطبية، وتقديم المشورة والمساعدات المالية الأولية، والدعم العيني للإسكان، حيث ساعد البرنامج الكثير من المهاجرين على العودة وإعادة الاندماج في بلدانهم الأصلية.

مركزان استشاريان في العراق لإعادة 10 آلاف لاجئ
وفي فبراير الماضي أعلنت الحكومة الألمانية فتح مركزين استشاريين في بغداد وأربيل، رغبة منها في إعادة 10 آلاف لاجئ عراقي إلى بلادهم.

وقال وزير التنمية الألماني غيرد مولرفي مؤتمر المانحين لإعادة إعمار العراق في الكويت "أتوقع أن يساهم مشروع "آفاق في الوطن" في عودة 10 آلاف لاجئ عراقي إلى بلادهم".

وتعمل المراكز الاستشارية للهجرة التابعة لبرنامج إعادة اللاجئين "آفاق في الوطن" في كل من ألبانيا وغانا وكوسوفو والمغرب والسنغال وصربيا وتونس، وتخطط ألمانيا لفتح مراكز في نيجيريا وأفغانستان ومصر، إضافة إلى العراق. كما ستعمل على تسهيل اندماج اللاجئين العائدين في بلدانهم الأصلية، إلى جانب التعريف بالطرق القانونية للهجرة.

يشار إلى أن العراقيين يمثلون واحدة من أكبر مجموعات اللاجئين في ألمانيا في السنوات الأخيرة، ويتركز وجودهم في ولايات بافاريا وبادن فورتمبيرغ وشمال الراين وسكسونيا السفلى وبرلين.

واستقبلت برلين عشرات الآلاف من اللاجئين العراقيين، لاسيما في السنوات القليلة الماضية، حصل كثير منهم على حق اللجوء، خاصة أولئك الذي تضرروا بصورة مباشرة من تنظيم داعش.

إغراءات ألمانية للراغبين في العودة
وفي ديسمبر الماضي عرضت الحكومة الألمانية مكافأة إضافية لتحفيز طالبي اللجوء على العودة الطوعية إلى بلدانهم، وبالرغم من أنها تقوم منذ سنوات بدعم طالبي اللجوء الذين يقررون طواعية العودة إلى بلدانهم، إلا أن المكافأة المالية الإضافية التي أعلن عنها وزير الداخلية الألماني قد تشكل سببًا إضافيًا لرحيل طالبي اللجوء الذين قدموا لأسباب اقتصادية.

فطالب اللجوء الذي يقرر العودة إلى بلده طواعية سيحصل على ما يصل إلى 2200 يورو، بعدما كان يحصل على 1200 يورو قبل هذه المكافأة الإضافية، التي تبلغ ألف يورو للشخص الواحد، للمساعدة على دفع الإيجار أو أعمال تجديد المسكن.. بينما ستحصل العائلة المكونة من ثلاثة أشخاص "زوجان مع طفل واحد على ما يصل إلى 6 آلاف يورو، بعدما كانت تحصل سابقًا على 3 آلاف يورو عند قرار العودة الطوعية.

مطلوب حوافز تقدمها الحكومة العراقية
إلى ذلك يقول عضو لجنة المهاجرين والمرحلين في مجلس النواب العراقي النائب حنين القدو إن "أوضاع اللاجئين العراقيين في الدول الغربية سيئة جدًا، وهذا كان واضحًا، من خلال زيارتنا للمخيمات في تلك الدول، ويجب أن تكون هنالك حوافز تقدمها الحكومة العراقية من أجل عودة هؤلاء".

وأشار في تصريح صحافي إلى أن "المشكلة التي تعوق عملية تشجيع عودة اللاجئين هي الوظائف، حيث إن هنالك الكثير من حاملي الشهادات العليا من أميركا وبريطانيا ودول أخرى يرغبون في العودة إلى العراق، لكن لا توجد درجات وظيفية أو تخصيصات مالية لاستيعاب هؤلاء، فضلًا عن الوضع المالي في العراق وتقشف الموازنات الأخيرة".

ويبيّن القدو أن "هنالك عودة مستمرة للاجئين العراقيين من الدول الغربية، لكنها ليست بالمستوى المطلوب، بسبب وضع العراق الحالي، وتدني مستوى الخدمات، وأزمة السكن والكثير من المشاكل التي لا تجعل اللاجئ العراقي راغبًا في العودة إلى العراق".

يشار إلى أن عدد العراقيين الذين تقدموا بطلبات لجوء في الدول الأوروبية خلال عام 2016 أكثر من 127 ألف شخصًا وفق ما أعلنه مكتب الإحصاء الأوروبي أخيرًا.