نصر المجالي: مع موقف العالم الرافض لمخططاتها في الهيمنة على إقليم الشرق الأوسط واستفزاز دول الجوار، بدأت مشاورات على مستويات القرار العليا في عواصم مهمة في الإقليم وعواصم غربية تتقدمها واشنطن للرد عمليا على مخطط إيران المستمر لتنفيذ مخطط تأمين ممر بري يربط إيران بلبنان عبر العراق وسوريا.

وقالت تقارير محللين إن المخطط الإيراني الذي بدأ الحديث عنه منذ 2017 وخصوصا بعد مواصلة ميليشياتها المسلحة تقدما متواصلا في الأراصي العراقية والسورية تحت دعاوى محاربة تنظيم (داعش) وذلك بهدف تعزيز قوس النفوذ الإيراني أو دأبت المراجع الإيرانية على تسميته (البدر الشيعي) وهو نظير أو بديل مصطلح "الهلال الشيعي". 

يذكر أن "الهلال الشيعي" مصطلح سياسي استخدمه الملك الأردني عبد الله الثاني، في تصريح لـ(واشنطن بوست) أثناء زيارته للولايات المتحدة في أوائل ديسمبر العام 2004، عبّر فيه آنذاك عن تخوّفه من وصول حكومة عراقيّة موالية لإيران إلى السلطة في بغداد تتعاون مع طهران ودمشق لإنشاء هلال يكون تحت نفوذ الشيعة يمتد إلى لبنان. 

وحينها رأى العاهل الأردني في بروز هلال شيعي في المنطقة ما يدعو إلى التفكير الجديّ في مستقبل استقرار المنطقة، ويمكن أن يحمل تغيرات واضحة في خريطة المصالح السياسية والاقتصادية لبعض دول المنطقة.

والواضح أن المخطط الإيراني لتأمين ممر بري يربط إيران بلبنان عن طريق العراق وسوريا، وأن هذا الممر أصبح جاهزا، وأنه يجري تعزيزه من جانب وكلاء إيران، ليس كلاما في الخيال، وإنما هو حقيقة قائمة سعيا وراء قيام الامراطورية الفارسية الشيعية، كما عبرت عن ذلك مصادر خليحية متخصصة. 

امبراطورية

وتصر إيران على حقوقها التاريخية في حكم المنطقة، فقد كان وسائل الإعلام نقلت في مايو 2014 عن الفريق السابق في الحرس الثوري الإيراني، والمستشار العسكري الحالي للمرشد الإيراني، يحيى رحيم صفوي، قوله إن حدود بلاده الحقيقية ليست كما هي عليها الآن، "بل تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط عبر الجنوب اللبناني". 

وأضاف صفوي: إن "حدودنا الغربية لا تقف عند شلمجة (على الحدود العراقية غربي الأحواز) بل تصل إلى جنوب لبنان، وهذه المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر الأبيض المتوسط". في إشارة إلى حدود الإمبراطوريتين الأخمينية والساسانية الفارسيتين قبل الإسلام.

الخريطة الحلم لإعادة الإمبراطورية الفارسية

محمد بن سلمان

وفي الأشهر الأخيرة تصاعدت التحذيرات للمجتمع الدولي من محاولات ومخططات الهيمنة الأيرانية، كان قمتها تحذير ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من حرب طويلة محتملة مع إيران. 

 وقال الأمير في حديث لصحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية: "يجب أن ننجح من أجل تفادي الصراع العسكري. إذا لم ننجح فيما نحاول أن نفعله، فعلى الأغلب سندخل في حرب مع إيران خلال الـ(10) إلى (15) عامًا القادمة". 

واعتبر مراقبون في تعليقهم على الموقف غير المسبوق بأن "تصريح ولي العهد السعودي يحمل معانٍ قوية وعميقة جدًا، لأنه يعلم ويدرك تمامًا أن اندلاع حرب مع إيران وأتباعها سيكون كارثة على الأمن والسلم الدوليين، فهو بلا أدنى شك سيتطور إلى حرب عالمية ثالثة لن يكون بمقدور الدول الكبرى الوقوف متفرجة؛ لأن هذه الحرب ستضرب مصالح هذه الدول، بل وجميع مصالح دول العالم في هذه المنطقة الحيوية المهمة". 

واشنطن

ويبدو أن محاولات الهيمنة الإيرانية تقض مضاجع الإدارة الأميركية أيضا، ففي جولته التي ختمها في الأردن وزار قبلها السعودية وإسرائيل، قال وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو، إن "الولايات المتحدة قلقة بشدة إزاء طموح إيران للهيمنة على الشرق الأوسط".

وأضاف بومبيو، في تعليقات أدلى بها عقب لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتناياهو، يوم الأحد "لا نزال قلقون بشدة جراء التصعيد الخطير للتهديدات الإيرانية تجاه إسرائيل والمنطقة".

صحافة إسرائيلية

يشار إلى أن وسائل اعلام اسرائيلية كانت تحدثت عن توّجس داخلي من مخطط الممر الإيراني، وقالت صحيفة (هآرتس) في أحد تقريرها السابق "إن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تتابع، بقلق نشاط إيران في العراق، في سعيها لفتح ممر بري يربط ايران بلبنان عبر العراق وسوريا، بمساندة من الميليشيات الشيعية التي تسيطر عليها ايران، اضافة الى جماعة الحشد الشعبي العراقية بحيث تحقق إيران حلمها التاريخي".

وتشير الصحيفة إلى أن ما حققته إيران عبر دعم النظام السوري، والتنسيق مع الاميركيين بمواجهة "داعش" على الحدود العراقية- السورية مكّن إيران من وضع اليد على نقاط استراتيجية على الحدود العراقية السورية.

صورة الإقليم 

وتضيف (هآرتس) إن "الحدود السورية- العراقية هي الموقع الأهم في المنطقة حيث ستحدد صورة الوضع الإقليمي ككل". فمسألة تكريس ممر بريّ تحت سلطة إيران ونفوذها سيغيّر الميزان الإستراتيجي في الشرق الأوسط، فمساعي إيران لاحتكار ميناء شمال غربي سورية يعطي إيران موطئ قدم على سواحل المتوسط. ولا يزال مجهولا ما إذا كانت ادارة ترامب تعتزم القيام بخطوات فعلية لوقف المد الإيراني كما ركزت جهودها ضد (داعش) في حين ان اسرائيل تركز جهودها حول المثلث الحدودي السوري- الأردني- الفلسطيني، وضمان عدم عودة قوى موالية لإيران والنظام إلى هذا المثلث.

وفي تقرير لموقع (جنوبية) كانت الباحثة سلوى فاضل، نقلت عن تقرير للمركز (الديموقراطي العربي) قوله "بينما كان العالَم يركّز على اعلان الخلافة الاسلامية والاتفاق النووي الايراني لاهميتهما بالنسبة للمنطقة ككل، كانت إيران تعمل بانتظام في سبيل تحقيق هدفيها الأساسييْن، وهما تعزيز هيمنتها الإقليمية، وربط طهران عبر العراق وسوريا بجنوب لبنان، من خلال توفير ممر جغرافيّ يمتد عبر الدول الثلاث، والسيطرة على القرار السياسي في كل من بغداد ودمشق وبيروت".