«إيلاف» من القاهرة: تواصل الولايات المتحدة الأمركية ضغوطها على مصر ، من خلال التهديد بوقف المساعدات العسكرية، وهي الورقة التي تثيرها الإدارية الأمركية ما بين الحين والآخر، ومجددًا قرر نائب رئيس لجنة المخصصات المالية بمجلس الشيوخ الأمركي (السيناتور باتريك ليهي) تعليق 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر، وأرجع "ليهي" قرار تعليق تلك المساعدات العسكرية لمصر حتى تلتزم ببعض الشروط، التي أرسلها إلى وزارة الخارجية الأمركية، والتي يجب على مصر أن تلتزم بها حتى يتوقف تعليق الأموال .

شروط جديدة

ومن بين الشروط التي تضمنها قرار التعليق، تغطية مصر نفقات علاج المواطنة الأمركية ( أبريل كورلي )، التي أُصيبت أثناء هجوم نفذته مروحيات مصرية أمركية الصنع، على قافلة سياحية في صحراء مصر الغربية عام 2015، وأسفر عن مقتل 12 شخصًا.

كما تشمل الشروط أيضًا إلغاء قانون الجمعيات الأهلية الجديد، وإلغاء إدانة 43 أمركيًا ومصريًا عملوا في منظمات المجتمع المدني، إضافة إلى إجراء تحقيق محايد في مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة.

تاريخ المساعدات

تُقدم الولايات المتحدة الأمركية لمصرمساعدات اقتصادية وعسكرية سنوية اتسمت بالاستمرارية منذ ثمانينيات القرن المنصرم، بعد توقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل في عام 1979، ومقدارها 1,3 مليار دولار كمساعدات عسكرية ، يُضاف إليها حزمة مساعدات اقتصادية لم تزد قيمتها على 250 مليون دولار منذ عام 2009 ،وقد ألقت الأحداث التي شهدتها مصر منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 بظلالها على المساعدات الأمركية (الاقتصادية والعسكرية) إلى مصر لتصبح محل نقاش حاد داخل أروقة الكونجرس الأمركي بمجلسيه (النواب والشيوخ) والإدارة الأمركية، فقد أثارت التطورات المصرية بعد الخامس والعشرين من يناير 2011 والثالث من يوليو 2013 نقاشا داخل الولايات المتحدة حول المساعدات الأمركية لمصر، مثل فاعلية فرض شروط على المساعدات العسكرية للقاهرة لإرغام السلطات على اتخاذ إجراءات من شأنها إحداث تحول ديمقراطي، وبناء دولة القانون والمؤسسات تقدم ضمانات للحريات وتحترم حقوق الإنسان،وعقب أحداث الثالث من يوليو 2013، وتدخل المؤسسة العسكرية لعزل الرئيس محمد مرسي ، واجهت الإدارة الأمريكية ضغوطًا شديدة من أعضاء الكونجرس الأمركي لقطع أو تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية ، وفي محاولة لوقف المساعدات العسكرية الأمركية لمصر أو إعادة هيكلتها، قدم عدد من أعضاء الكونجرس الأمركي مشاريع قوانين تخص المساعدات العسكرية الأمركية لمصر،وبالفعل قررت الإدارة الأمركية تعليقًا جزئيًا للمساعدات العسكرية الأمركية لمصر،إلا أن هذا القرار لم يدم كثيرًا تحت ضغوط قوى داخلية أمركية راغبة في استمرار المساعدات العسكرية الأمركية لمصر،رغبة من الإدارة الأمركية في الحفاظ على مساعدتها للنظام المصري في مواجهة الإرهاب ، ففي أواخر شهر أبريل 2014 ، أعلنت الإدارة الأمركية عن رفعها لحظر المساعدات العسكرية الأمركية للقاهرة، وتم الإعلان عن تقديم 10 طائرات أباتشي لمساعدة مصر في مكافحة الخلايا المتطرفة في شبه جزيرة سيناء.

وفي أغسطس الماضي، قررت الإدارة الأمركية وقف مساعدات لمصر مقدارها 100 مليون دولار، وتأجيل 195 مليون دولار إضافية؛ بسبب ما زعمت بأنه فشل في إحداث تقدم تجاه احترام حقوق الإنسان والأعراف الديمقراطية

عدم اهتمام

من جانبه أكد السفير صلاح فهمي ، مساعد وزير الخارجية الأسبق، ل"إيلاف" ،أن الجانب المصري لا يعبئ بدعوات التهديد بقطع المساعدات ،طالما تواجدت المصلحة والتعاون بين البلدين، لاسيما في قضايا مكافحة الإرهاب، واستقرار النظام المصري، واستمرار تعهد مصر بمعاهدة السلام التي تعد مصالح مصرية وأمركية على حد سواء.

مشيرًا إلى أن عددًا من أعضاء الحزب الجمهوري الذي له الأغلبية بمجلسي الكونجرس الأمركي يشيدون بالجهود المصرية تحت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي في حربها ضد الإرهاب والمتشددين، وبالتالي يؤيدون وبشدة ضرورة استمرار تقديم المساعدات العسكرية كاملة لمصر .

وأوضح السفير صلاح فهمي، أن السيناتور باتريك ليهي، نائب رئيس لجنة المخصصات المالية بمجلس الشيوخ الأمركي ، معروف عنه تشدده تجاه مصر، واشتهر "ليهي" بقانون يحمل اسمه -قانون ليهي- وهو القانون الذي يمنع تقديم مساعدات لقوات أمن دول أجنبية، في حال ثبوت تورطها في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

وأضاف مساعد وزير الخارجية، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، سعى خلال الفترة الماضية إلى تنويع مصادر السلاح وعدم الاعتماد بشكل أساسي على أمركا وحدها، مما تسبب في إزعاج الإدارة الأمركية بالتأكيد، ومن ثم كان التلويح بورقة المعونة كما يحصل من وقت لآخر.

مؤكدًا أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا كبيرة للضغط على الحكومة المصرية لإلغاء إدانة 43 شخصًا، منهم 19 أمركيًّا من منظمات عدة، منها أربع منظمات أمركية هي: “المعهد الجمهوري الدولي”، و”المعهد الديمقراطي الوطني”، ومنظمة “بيت الحرية”، و”المركز الدولي الأمركي للصحفيين”، وهم متهمون باختراق القوانين المصرية، وممارسة أعمال سياسية وليست حقوقية، ودفع أموال طائلة لشخصيات وجهات مصرية، وفي حال قيام القاهرة بذلك سوف تختفي تمامًا التهديدات بقطع المساعدات العسكرية والاقتصادية .

تدخل مرفوض

وقال النائب طارق رضوان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب،:" إن قرار نائب رئيس لجنة المخصصات المالية بمجلس الشيوخ الأمركي، السيناتور باتريك ليهي، بتعليق 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر، ليس بجديد، وقد أعلنا من قبل حكومةً وشعبًا رفضنا لأي ضغوط وتهديدات أمركية، والقرار الحالي أو السابق بتعليق المساعدات، لا يؤثر بالسلب أو بالإيجاب على الموازنة الخاصة بمصر"، لافتًا إلى أن ربط المساعدات أو المعونات الأمركية لمصر بملفات تخص الأمن القومي المصري أمر مرفوض شكلًا وموضوعًا.

 وأضاف رضوان ل"إيلاف" أن مصر تحترم حقوق الإنسان، وقضية روجيني وغيرها أمور خاصة بالشان الداخلي لمصر، ومن المرفوض تمامًا تدخل الدول الأخرى فيه .