ربما لا يكون المأزق الإيراني أو الورطة الكورية الشمالية أكبر مشكلات دونالد ترمب، فالتحدي الآعظم لإدارته وسياسيته الخارجية يأتي من الصين.

إيلاف من واشنطن: كتب جيرالد أف. سايب لصحيفة وول ستريت جورنال أن أهم مشكلة دولية تواجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليست كوريا الشمالية أو إيران، بل تكمن في التحديات المتزايدة بسرعة من الصين. فقد أكدت أحداث الآونة الأخيرة أن الولايات المتحدة والصين منشغلتان في لعبة شد الحبل، بل أصبحت هذه اللعبة السمة السائدة على الساحة الدولية، ومن المرجح أن تبقى هكذا لفترة طويلة. فهذا ما يُنبئ به المستقبل.

تحديات عسكرية وسياسية

أحدث التحديات من الصين هي التحديات العسكرية. وألغى البنتاغون قبل أيام دعوته الصين للمشاركة في جملة تمارين عسكرية في المحيط الهادئ، احتجاجًا على انتهاك الصين وعدها عدم عسكرة جزر سبراتلي المتنازع عليها. وتبعد هذه الجزر نحو 500 ميل عن البر الصيني مبينةً بشكل ساطع إلى أي مدى تصل الذراع الصينية.

أرادت الولايات المتحدة التعبير عن استيائها، فأرسلت سفينتين حربيتين إلى المياه الواقعة قرب مجموعة جزر أخرى متنازع عليها في بحر جنوب الصين، هي جزر باراسيل، حيث كان الصينيون يستعرضون عضلاتهم العسكرية ايضًا. ردًا على ذلك، قالت الصين إنها أرسلت سفنها الحربية لتحدي القطع البحرية الاميركية، أو "طردها" على حد تعبير الصينيين.

التحديات الصينية الأخرى دبلوماسية. فيبدو أن الصين تتحمل قسطًا على الأقل من المسؤولية عن اللهجة العدوانية التي تكلمت بها كوريا الشمالية في مرحلة التمهيد للقمة المزمع عقدها بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وترمب. وإزداد موقف كوريا الشمالية جسارة بعد أن التقى كيم الرئيس الصيني شي جينبنغ. ويمكن التهكن بأن الزعيم الصيني حذر نظيره الكوري الشمالي الشاب، الذي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على بكين، من المضي بعيدًا أو التسرع في التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة.

واقتصادية أيضًا

دفع التعنت الكوري الشمالي الذي أعقب ذلك ترمب إلى إلغاء القمة فترةً وجيزة. ويبدو أن القمة عادت الآن على جدول الأعمال، لكن الصينيين أوصلوا رسالتهم: لن يُهمشوا عندما تتعامل الولايات المتحدة مع جارهم الجنوبي المتسول منهم، بل سيطالبون بمقعد حول الطاولة. وبالتالي إذا اسفرت قمة ترمب - كيم عن جولة جديدة من دبلوماسية المتابعة فإنها يجب أن تكون رباعية بمشاركة الولايات المتحدة والكوريتين، والصين.

التحديات الصينية الأخرى اقتصادية. بعد قرار ترمب التخلي عن الاتفاق النووي مع إيران، يناور الصينيون لاستثمار الفرص التجارية التي قد تتوافر الآن إذ تضغط إدارة ترمب على الشركات الأوروبية للابتعاد عن إيران، وبخلافه تواجه عقوبات اقتصادية تفرضها الولايات المتحدة ضدها.

تتهيأ من الآن شركتان صينيتان كبريان من شركات الطاقة تملكهما الدولة للاستحواذ على عقود نفطية وغازية تتفاوض شركات أوروبية بشأنها. وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، ربما تجد إيران من المغري التوجه شرقًا لا غربًا، لتحقيق التنمية الاقتصادية. وستكون الصين جاهزة للاستجابة.

التحدي الأوسع يتمثل في أن الصين، خلافًا للاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة، لا تسعى إلى تحقيق أفضلية بموجب القواعد الدولية السارية، بل تريد إقامة أنموذج بديل جديد. وهذه وصفة مثلى للتوتر طويل الأمد.