توجه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بعد أن أجرى محادثات مع الرئيس النيجيري محمد بخاري، إلى لاغوس حيث سيبتعد عن الدبلوماسية التقليدية للتركيز على المكانة الفنية والثقافية للمدينة الكبيرة.

أبوجا: سعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الثلاثاء إلى تحسين علاقات بلاده مع الدول الأفريقية الناطقة بالانكليزية، حيث طرح خطة لتعاون وثيق مع نيجيريا من اجل التصدي للتحديات الأمنية وإبراز صورة جديدة للقارة في فرنسا.

ووصل ماكرون إلى أبوجا قادما من موريتانيا حيث التقى قادة أفارقة على هامش اليوم الاخير من قمة الاتحاد الأفريقي التي هيمنت عليها الملفات الأمنية المرتبطة بمنطقة الساحل المضطربة. 

وبعد أن أجرى محادثات مع الرئيس النيجيري محمد بخاري، قال ماكرون إنه "متحمس جدا" للعودة إلى المدينة حيث عمل ستة أشهر كمتدرب في السفارة الفرنسية مطلع الألفية الثانية.

عاد رئيسًا

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع بخاري في مقر اقامة الرئيس النيجيري قال ماكرون "انا سعيد للغاية بالعودة"، ممازحا انه لم يتخيّل يوما انه سيعود بصفته رئيس للدولة.

وكان ماكرون، المصرفي السابق البالغ من العمر 40 عاما، عمل جاهدا منذ توليه السلطة على تعزيز العلاقات مع المستعمرات الفرنسية السابقة إلا أن ذلك لم يشغله عن الاهتمام بتحسين التجارة مع الدول الناطقة بالانكليزية.

وزار الرئيس الفرنسي غانا العام الماضي بحيث أصبحت نيجيريا - القوة الاقتصادية المهمة في أفريقيا والمنتج الأكبر للنفط في القارة - الخطوة المنطقية التالية. 

وتنتج نيجيريا التي تعد 180 مليون نسمة حوالي مليوني برميل نفط في اليوم وتعد شريكا اقتصاديا مهما لفرنسا. وقال ماكرون لبخاري إن "فرنسا تريد مزيدا من التعاون مع نيجيريا"، واعدا بان فرنسا ستقدم "دعمها الكامل".

محادثات أمنية

وفي نواكشوط، أجرى ماكرون محادثات مع قادة الدول الخمس المنضوية في قوة الساحل التي تقاتل عناصر مرتبطة بتنظيم القاعدة. وتعدّ النيجر وتشاد، حيث لدى فرنسا وجود عسكري كبير، جزءا من مجموعة دول الساحل الخمس التي تعرضت لهجمات متزايدة خلال الأيام الأخيرة.

وتشارك ابوجا إلى جانب جيرانها الناطقين بالفرنسية - الكاميرون وتشاد والنيجر - في قوة عسكرية مشتركة لمواجهة المقاتلين المتطرفين الذين تسببت أعمال العنف التي ارتكبوها بمقتل 20 ألف شخص على الأقل. 

وامتدت تسع سنوات من العنف في شمال شرق البلاد النائي إلى حوض بحيرة تشاد الأوسع. ونتيجة ذلك، أكد ماكرون أن "تعبئة الدول الأفريقية أمر أساسي". 

واشار ماكرون إلى وجود رابط بين مجموعات مرتبطة بتنظيم القاعدة في منطقة الساحل، وجهاديين مدعومين من جماعة بوكو حرام وتنظيم الدولة الاسلامية ينشطون قرب الحدود الشمالية لنيجيريا.

دعم فرنسي

وقال الرئيس الفرنسي "التحدي الذي نواجهه هو ادارة النزاعات... ومنع تراكمها". واضاف انه من المهم الحؤول دون التحاق الاشخاص بالجهاديين، مشيرا إلى خطة لتعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية والرياضية لتوفير فرص أفضل.

وقال بخاري الذي يؤكد ان بوكو حرام انتهت على الرغم من هجماتها المستمرة إنه يدعم الخطة الفرنسية ويقدّر مساعدة فرنسا للدول المجاورة لنيجيريا والناطقة بالفرنسية. واضاف "انا ممتن جدا للدعم الفرنسي الذي نتلقاه".

زيارة "المعبد"

ومن أبوجا توجه ماكرون إلى لاغوس حيث سيبتعد عن الدبلوماسية التقليدية للتركيز على المكانة الفنية والثقافية للمدينة الكبيرة التي تعدّ 20 مليون نسمة. 

من المتوقع أن يطلق الرئيس الفرنسي رسميا "موسم الثقافات الأفريقية" الذي سينظم في فرنسا في 2020، وذلك خلال أمسية تتخللها حفلات موسيقية وعروض ازياء وعروض مسرحية الثلاثاء.

لكن اختيار ملهى "شراين" (المعبد) للحفلات الموسيقية المرتبط بأسطورة موسيقى الآفروبيت الأفريقية فيلا كوتي فاجأ العديد من النيجيريين نظرا للعلاقة بين الموقع والموسيقي المناهض للمؤسسات التقليدية في الدولة. 

ماريجوانا وسمعة سيئة

ويعتقد أن ماكرون سيكون الرئيس المنتخب الأول الذي يزور رسميا المكان الذي تنتشر فيه عادة رائحة الماريجوانا ويحظى بسمعة سيئة.

وكشف ماكرون أنه زار "شراين" في الماضي لحضور حفل موسيقي لفيمي، نجل فيلا كوتي، واصفا المكان بأنه "مذهل وينبض بالحياة". 

وكان العمال يردمون الحفر في الطريق المؤدي إلى الموقع استعدادا لزيارة ماكرون في وقت أغلقت السلطات في لاغوس الشوارع المحيطة كاجراء أمني احترازي.