بيونغ يانغ: نددت كوريا الشمالية السبت بمطالب الولايات المتحدة "المبالغ فيها" خلال محادثات حول نزع الاسلحة النووية اجراها وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو في بيونغ يانغ وكان وصفها في وقت سابق بانها "بناءة".

ووصفت وزارة الخارجية الكورية الشمالية الموقف الاميركي خلال الاجتماع بانه "مؤسف للغاية" معتبرة انه يخرق روحية الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون والرئيس الاميركي دونالد ترمب في قمة سنغافورة التاريخية الشهر الماضي.

واوردت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للانباء نقلا عن بيان لوزارة الخارجية الكورية الشمالية ان "السلوك الاميركي والمواقف التي اتخذت خلال المحادثات العالية المستوى الجمعة والسبت كانت مؤسفة للغاية".

وهاجمت الخارجية الكورية الشمالية "مطالب نزع السلاح النووي الاحادية والمبالغ فيها" من قبل الولايات المتحدة.

ويأتي ذلك بعيد وصف وزير الخارجية الاميركي الاجتماع بانه ناجح بدون تقديم توضيحات بشأن كيفية التزام كوريا الشمالية بنزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية في مقابل ضمانات امنية.

وقال بومبيو "إنها مسائل معقدة، لكننا حققنا تقدما شمل كافة القضايا الرئيسية تقريبا، تقدم كبير في بعضها في حين يحتاج بعضها الاخر الى مزيد من العمل".

وجاءت تصريحات بومبيو في ختام زيارة الى كوريا الشمالية استمرت يومين وتخللتها محادثات لاكثر من ثماني ساعات في دار الضيافة في بيونغ يانغ مع كيم يونغ شول، المسؤول الثاني في النظام الكوري الشمالي.

وتأتي المحادثات بعد قمة للرئيس الاميركي دونالد ترمب وكيم جونغ اون في سنغافورة وقعا خلالها وثيقة تعهدا فيها "العمل نحو نزع السلاح النووي بشكل تام من شبه الجزيرة الكورية".

ولم يُقدم البيان الصادر بعد قمة ترمب وكيم أي التزامات محددة، اذ اعاد كيم تأكيد "التزامه الثابت نحو اخلاء شبه الجزيرة الكورية التام من السلاح النووي"، وهو تعبير غامض خيّب تطلعات الخبراء خصوصا وأنه لم يشمل ان العملية "يمكن التحقق منها ولا رجوع فيها"، كما تطالب بذلك الولايات المتحدة.

وقد كُلّف بومبيو بالتفاوض على برنامج من أجل التوصل الى خطة تأمل واشنطن منها ان يعلن كيم حجم برنامجه للاسلحة النووية ويوافق على جدول زمني لتفكيكه.

وقال بومبيو "لقد اجرينا محادثات حول ما يقوم به الكوريون الشماليون وكيفية تحقيق ما اتفق عليه الزعيم كيم والرئيس ترمب الا وهو نزع كوريا الشمالية للسلاح النووي بشكل كامل".

وتابع وزير الخارجية الاميركي "لم يتنصل احد من ذلك، لا يزالون ملتزمين مثلنا تماما" وذلك قبل ساعات من اصدار كوريا الشمالية تقييمها الخاص، والاقل تفاؤلا للمحادثات.

وعلى صعيد الخطوات العملية اكتفى بومبيو بالاشارة الى عقد اجتماع بين مسؤولين من الطرفين في 12 تموز/يوليو لمناقشة تسليم الولايات المتحدة رفات جنود اميركيين قتلوا خلال الحرب الكورية التي دارت بين 1950 و1953.

وقال بومبيو إنه تم تحقيق تقدم نحو الاتفاق على "اجراءات" لقيام كوريا الشمالية بتدمير منشأة صواريخ.

- كوريا الشمالية تسعى الى "تعزيز موقفها" -

واورد البيان الكوري الشمالي ان مسؤولين حملوا بومبيو رسالة شخصية لترمب يعربون فيها عن آمالهم بتعزيز "العلاقات الرائعة ومشاعر الثقة" بين الزعيمين في محادثات مستقبلية.

وقال البروفسور سانغ مو جين في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول لوكالة فرانس برس إن بيونغ يانغ "تفصل بين البيروقراطيين الاميركيين وبين الرئيس ترمب، وتبدي ثقتها به".

واوضح البروفسور ان "ذلك لا يهدف الى نسف المحادثات. كوريا الشمالية تسعى الى تعزيز موقفها في المفاوضات المقبلة".

وتابع البروفسور ان "كوريا الشمالية انتظرت من بومبيو تقديم اقتراح ملموس لضمانات امنية لكنها اصيبت بخيبة بعد اصرار الجانب الاميركي على المطلب القديم بنزع كوريا الشمالية السلاح النووي قبل تقديم الولايات المتحدة اي شيء في المقابل".

وهي الزيارة الثالثة التي يجريها بومبيو الى بيونغ يانغ، وكان زار كوريا الشمالية عندما كان لا يزال مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية واستمر بالتفاوض بعد الكشف عن اجراء محادثات اميركية-كورية شمالية وتوليه منصب وزير الخارجية.

ويبدو ان المحادثات بين واشنطن وبيونغ يانغ حول تفكيك الترسانة النووية الكورية الشمالية تجري في مسار معاكس مقارنة مع مفاوضات سابقة.

فبدلا من تتويج الزعيمين سنوات من التفاوض المضني بلقاء قمة بينهما، جاءت قمة سنغافورة لتطلق مسارا دبلوماسيا طويلا سارع ترمب من خلاله الى اعلان انتهاء الازمة ما اثار انتقادات المراقبين وخبراء منع انتشار السلاح النووي.

ويقع على عاتق بومبيو، الساعي للحصول على اعلان من كوريا الشمالية حول حجم برنامجها النووي وجدول زمني لذلك، مهمة تنفيذ برنامج نزع السلاح النووي وتتويجه بعمليات تحقق وتفتيش دولية. 

وتأمل واشنطن بأن يبدأ النزع التام للاسلحة النووية في غضون عام، لكن العديد من المراقبين المختصين ومنتقدين لترمب يحذرون من ان تعهدات القمة مع كيم لا تعني الكثير وأن العملية يمكن ان تستغرق سنوات حتى لو بدأت.