لندن: تفتخر بلدة ناربيرث البريطانية جنوب غرب مقاطعة ويلز بأنها تعرف كيف تعتني بنفسها. فأهل البلدة يشترون اللحم من متجرين أصحابهما من سكان ناربيرث ولا يوجد في البلدة مخزن واحد من تلك السلاسل العملاقة في المدن الأخرى. وحين بدا أن مكتبتها العامة على وشك أن تُغلق بادر السكان الى انقاذها بجهودهم. والشيء نفسه حدث عندما واجهت بركة السباحة خطر الغلق. 

وهكذا عندما تلكأت السلطات المحلية في استقبال لاجئين سوريين تحرك الأهالي كما هي عادتهم. فعندما انتقلت العائلة المسلمة الوحيدة في ناربيرث الى البلدة تكفل الأهالي بتوفير سكن لها وملء مطبخ العائلة بالمؤن ومما أسعد العائلة ان سكان البلدة قدموا لهم بُسطاً للصلاة ونسخة من المصحف. 

تكون المجالس البلدية عادة مسؤولة عن مساعدة اللاجئين الذين يفلحون في الوصول الى بريطانيا. ولكن منذ صيف 2016 تمكنت منظمات مدنية وجمعيات أهلية من توفير السكن للسوريين الذين قُبلت طلبات لجوئهم. 

ويتعين على هذه المنظمات ان تجمع 9000 جنيه استرليني وتجد مسكناً زهيد الايجار لمدة سنتين والموافقة على مساعدة اللاجئ سنة على الأقل ليتمكن من الاستقرار. 

كابوس بيروقراطي

ولكن بلدة ناربريرث تميزت بحسن ضيافتها. فان 138 لاجئاً فقط لاقوا مثل هذه المعونة من 24 منظمة مدنية. 

ولاحظ مسؤولون في دائرة الحدود والهجرة ان الحكومة تباطأت في الاستفادة من استعداد السكان لمساعدة اللاجئين السوريين. إذ يتعين على هذا المنظمات الأهلية ان تنتظر سنة احياناً قبل ان تنتهي وزارة الداخلية من تقييم قدراتها المادية على تقديم المساعدة للاجئين الذين تتكفل بمساعدتهم وإيجاد عائلة ترعاها. 

وأُعيد طلب المتطوعين في بلدة ناربيرث الموافقة على استقبال لاجئين لتعديله ثلاث مرات. وتصف جيل سمبسون احد هؤلاء المتطوعين الإجراءات الرسمية للنظر في طلبات المنظمات الأهلية بأنها "كابوس بيروقراطي". 

ومع ذلك من المرجح ان يتوسع هذا المشروع المنقول من كندا. 

وفي يونيو الماضي منحت الحكومة مليون جنيه استرليني الى منظمة "ريسيت" لإعادة توطين اللاجئين السوريين بدعم المنظمات الراعية لهؤلاء اللاجئين. وتوصلت دراسة الى ان 50 في المئة من اللاجئين الذين تساعدهم منظمات أهلية عثروا على فرص عمل في غضون عام من مجيئهم بالمقارنة مع 10 في المئة في حالة اللاجئين الذين تساعدهم الحكومة. 

فخر

وبعد عام على مساعدة اللاجئين يشعر المتطوعون في بلدة ناربيرث بالإنهاك ولكنهم فخورون بنجاحهم. فان اللاجئ أحمد باتاك وعائلته لم يسمعوا باسم ويلز قبل ان يصلوا الى بريطانيا. واستغربوا في البداية تعقيد مواعيد وصول الحافلات وجمع القمامة والأهم من ذلك تغير الجو. وقال زياد السواح صهر أحمد "في بلدنا صيف يعني صيف". 

ولكن المتطوعين ساعدوا العائلة السورية على الاستقرار وعدم الشعور بالغربة. وكانوا يأخذون زوجة أحمد بالسيارة الى دورة لتعلم الحياكة في إحدى الكنائس. واشتروا طيوراً يربيها أحمد في حديقة المنزل مع شقيقه وصهره. وحين علم المتطوعون ان السواح يجيد الحفر على الخشب وفرت له سيدة ورشة عمل في حديقة منزلها. 

وتنادى سكان البلدة لجمع التبرعات وشراء أدوات الحفر والنقش التي يحتاجها في عمله وطلبوا منه أن ينقش لهم مقابل أجر يافطات وقطعاً يعلقونها في بيوتهم. ولعل أفضل دليل على اندماج العائلة بالمجتمع ان أحمد رُزق طفلة سماها ماريا بعد ان ولدت في يوم القديس ديفيد الذي يحتفل به سكان ويلز.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الايكونومست". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.economist.com/britain/2018/07/05/a-welsh-town-shows-britain-a-new-way-to-welcome-refugees?frsc=dg%7Ce