الجزائر: يرى متابعون للشأن الجزائري أن فوز الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يبدو محسوما اذا ترشح لولاية خامسة رغم تراجع صحته، ويدعم هذه النظرية دعوات مؤيديه التي تطالبه بإكمال مسيرته على راس الدولة، في وقت يرى محللون ان قضية ترشحه أو عدمها لن تحدث تغييرا حيث ان النظام القائم مصيره الاستمرار لفترة طويلة.

وتدور تساؤلات قبل تسعة اشهر من الانتخابات الرئاسية في الجزائر، حول ما إن كان الرئيس بوتفليقة البالغ من العمر 81 عاما سيترشح لولاية خامسة، وهو ما يرجحه المحللون في ظل دعوات كثيفة له من معسكره للترشح.

من جهته يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر محمد هناد لوكالة فرانس برس "اذا أطال الله في عمره، سيترشح بوتفليقة بالتأكيد لولاية خامسة".

رقم قياسي للحكم

بدوره يؤكد دبلوماسي أجنبي في الجزائر للوكالة أن ولاية خامسة لرئيس الدولة الحاكم منذ 1999 وحامل الرقم القياسي في طول فترة الحكم على رأس الدولة الجزائرية، أصبحت أمراً شبه مؤكد بالنسبة الى الاوساط السياسية الغربية.

 ويقول أستاذ في التاريخ المعاصر في جامعة باريس-1 بيار فيرمرين "كل المؤشرات الخارجية تدل على أن هناك مجموعة صغيرة من الاشخاص تحظى بنفوذ قوي وموجودة في أعلى هرم الدولة الجزائرية، تدفع في اتجاه إعادة انتخاب الرئيس".

 ويضيف "ما تمت محاولته ونجح، قد يعاد مجددا"، مذكرا "بالسابقة التي حصلت في الحملة" الرئاسية الماضية في 2014 التي قام بها مقربون من بوتفليقة الذي لم يظهر علنا، ومع ذلك تمّ انتخابه بنسبة عالية جدا بلغت 81,5% من الاصوات.

تهميش المجموعات الدينية

ويقول الخبير المتخصص بشؤون المغرب العربي ان مجموعات دينية ومحلية وثقافية وأحزابا سياسية تبدو "مهمشة بالكامل، ويبدو ان ليس هناك أي سلطة مضادة في رأس الدولة".

ويشير البروفسور هناد الى حالتين فقط يمكن للرئيس المنتهية ولايته الا يترشح بسببهما: "اذا انسحب (من الحياة السياسية) وهي فرضية مستبعدة، او إذا تم إعلانه غير قادرا على أداء مهامه قبل الانتخابات، وهو أمر غير وارد في الوقت الراهن".

صحة بوتفليقة

ويثير الوضع الصحي للرئيس تكهنات عدة، خصوصا منذ أصبح ظهوره نادرا بعد إصابته بجلطة دماغية في 2013 أقعدته على كرسي متحرك وأثرت على قدرته في الكلام.

دعوات لولاية خامسة

لكن هذا الامر لم يمنع حزبه، "جبهة التحرير الوطني"، وأبرز حليف له، "التجمع الوطني الديموقراطي"، من مطالبة الرئيس باستمرار منذ نيسان/ابريل "بمواصلة مهامه".

ويساند حزب الرئيس وحليفه في هذه الدعوة، إسلاميو "تجمع أمل الجزائر" وحلفاء آخرون والمركزية النقابية.

المعارضة

وأصبح المعارضون أيضا على قناعة بأن تولي الرئيس ولاية خامسة أصبح أمرا شبه حتمي.

ويرى رئيس حزب الجيل الجديد سفيان جيلالي، أحد أبرز معارضي الولاية الرابعة والان الخامسة المرجحة، أن "ليس هناك من شك بأن بوتفليقة يريد إنهاء أيامه في السلطة"، والدعوات الصادرة عن المعسكر الرئاسي تهدف الى "منع أي ترشيحات أخرى محتملة".

التعديلات في أجهزة الاستخبارات

من جهة ثانية، تعيد إلى الأذهان إقالة المدير العام للأمن الوطني عبد الغاني هامل من منصبه في الآونة الاخيرة وبشكل مفاجئ وبدون تحديد سبب لها، ملف التعديلات في صفوف أجهزة الاستخبارات القوية في البلاد قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية في 2014.

من جهته يقول الدبلوماسي الاجنبي "إنها حملة ترتيب البيت الداخلي قبل الانتخابات"، معتبرا أن إقالة هامل كان هدفها القضاء على طموحات هذا الرجل الذي اعتبر في أحيان كثيرة أحد المرشحين المحتملين لخلافة رئيس الدولة.

بوتفليقة يؤكد "أنه الرئيس"

ويرى مدير مركز الدراسات والابحاث حول العالم العربي والمتوسط في جنيف حسني عبيدي أنه عبر اقالة هامل، أكد الرئيس بوتفليقة مجددا "أنه هو الرئيس وهو وحده"، معتبرا أن ذلك شكل "بداية معجلة للحملة الرئاسية".

ويلفت بيار فيرمرين الى ان "كوادر الرئاسة النافذين" اقدموا على "تحييد أو تحجيم دور الجيش وأجهزة الاستخبارات" التي كانت نافذة جدا و"صانعة ملوك في السابق" في الجزائر.

فوز محسوم

ويبدو أن فوز بوتفليقة محسوما تقريبا، اذا ترشح لولاية خامسة حتى مع تراجع صحته، كونه يعتبر مهندس الوئام المدني والمصالحة الوطنية ما بعد الحرب الاهلية (1992-2002).

وعلى رغم أن الولاية الرابعة شهدت صعوبات اقتصادية واجتماعية مؤلمة في بلد يعد 40 مليون نسمة ويعاني الاقتصاد فيه من تدهور أسعار النفط وبطالة الشباب لا تزال مرتفعة جدا (30%).

تجنب المغامرة

ويؤكد بيار فيرمرين ان "الجزائريين يريدون تجنب المغامرة السياسية او الفوضى التي عاشوها، بأي ثمن"، في إشارة الى "العقد الاسود" الذي نشأ عن إلغاء الجيش عام 1992 الانتخابات التشريعية التي فاز بها الإسلاميون، في حين ان نسبة الامتناع عن التصويت (50% عام 2014) قد تسجل مستويات قياسية جديدة.

ويرى العديد من المحللين اخيرا انه سواء ترشح بوتفليقة ام لا، فان هذا الامر لا يغير في النهاية أمورا كثيرة لان النظام القائم مصيره الاستمرار لفترة طويلة.

ويشير بدوره الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس السبت ان الكلمة الفصل تعود الى بوتفليقة "الذي لم يرد بعد على طلبنا مواصلة مهمته".

تجدر الاشارة إلى أن بوتفليقة لم يعلن ترشحه في انتخابات عام 2014 الا قبل شهرين من انطلاقها.