مشاري الذايدي


في حديث مع إعلامي أميركي، جرى مؤخرا في الرياض، كان حرصه واضحا على الحديث عن الجهاديين السعوديين في سوريا.

كان مهجوسا بتنظيم laquo;داعشraquo; القاعدي وإسهام الشبان السعوديين فيه، ويلمح من طرف خفي إلى laquo;دعمraquo; الدولة السعودية لهؤلاء الجهاديين السوريين، فكيف - حسب تصوره - يتم فهم هذا التناقض السعودي؟ فمن جهة، الدولة تحارب laquo;القاعدةraquo;، ومن جهة، تدعم القاعديين في سوريا. هذه خلاصة فهم رجل من الإعلام الأميركي يمثل طيفا واسعا من المزاج السائد في أميركا وغيرها حيال هذه القضية، بل يمثل حتى laquo;النخبraquo; من رجال الإعلام والثقافة، مثل فريد زكريا، الذي سل سيفه وقرع السعودية بمقالة جريئة جاهلة.

قلت للصحافي الأميركي: الأمر تناقض في تصورك وتصور الإعلام الغربي.

السعودية ضد نظام بشار الأسد، وضد مجموعات laquo;القاعدةraquo; في سوريا، هكذا بكل وضوح. أما لماذا هي ضد بشار فلأنه هو نفسه وضع نظامه في خندق العداء للسعودية، والاستقرار العربي عبر الذوبان في المشروع الإيراني.

وأما لماذا السعودية ضد laquo;داعشraquo; وlaquo;النصرةraquo; وشقيقاتها القاعدية، فهو سؤال من لا يدرك ضراوة الحرب التي خاضتها البلاد مع laquo;القاعدةraquo; منذ أكثر من عقد من السنين، وما زالت، وما زال الهدف الرئيس لعمليات laquo;القاعدةraquo; وخطابها الدعائي هو السعودية.

خذ مني مثالا قصة الشاب السعودي laquo;المحترقraquo; أحمد الشايع الذي ذهب قبل سنوات للعراق تسللا، ونفذ الهجوم على السفارة الأردنية في بغداد (أغسطس laquo;آبraquo; 2003) وقتل الهجوم وجرح زهاء 60 شخصا. نجا أحمد بأعجوبة بعدما قذفه الصهريج المنفجر، لتستعيده السعودية وتعالجه وترعاه، بعد استغاثة أسرته، ثم فجأة يتسلل إلى سوريا وينضم إلى laquo;القاعدةraquo;، بل ويكتب بكل وقاحة، هذه الأيام، مهاجما السعودية، مسلطا خلاصة كرهه عليها. فهذه الحالة، وحدها، كافية لتجعل السعودية تساوي في العداء بين laquo;القاعدةraquo; ونظام بشار الأسد، ومعه عصابات العراقيين واللبنانيين.

هناك laquo;هرولةraquo; غريبة تجدها في الإعلام الغربي لشيطنة السعودية، وأنكى من ذلك، هناك جهل ساطع، وجرأة في الثرثرة عن السعودية بكل تسطيح وغياب معلومات يعرفها كل من كلف نفسه خمس دقائق فقط ليتجول في laquo;غوغلraquo;.

نعم، السعوديون مقصرون، ولا يتحركون في الدوائر الغربية للشرح والدفاع، وحركة أنصار إيران والأسد أنشط هناك منهم. هذا صحيح، لكنه لا يسوغ الجهل لدى كثير من إعلاميي وlaquo;نخبraquo; الغرب بأحوالنا، جهل ليس من نوع الذي لا يضر ولا ينفع، بل هو جهل قاتل. ما يجري في سوريا الآن، من تدهور مخيف، هو في جانب منه بسبب جهل إدارة أوباما في واشنطن. لقد كانت إدارة جريئة في جهلها، تمثل خطورة الجهل الجريء!