فيصل عباس

&لن أستطيع أن أضيف شيئاً إلى قائمة الانتقادات الطويلة التي نتجت عن مقابلة الرئيس باراك أوباما مع مجلة «أتلانتيك»، فقد أشبع الزملاء في الصحف العربية الموضوع تناولاً وشرحاً وغضباً. وفي جميع الحالات، لا أعتقد أن هناك أي فائدة مرجوة الآن من محاولة ثني السيد أوباما عن آرائه. فالضرر قد وقع، ومهما فعل الرئيس الأمريكي في الأشهر القليلة المتبقية له، فلن يمكنه إعادة الحياة إلى مئات الآلاف من السوريين الذين ماتوا في السنوات الخمس الماضية، ولا إبطال الاتفاق النووي الذي فك أغلال طهران لتعيث في الأرض فساداً، أو إنقاذ عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

إلا أن ما يجب مناقشته، والتوقف عنده، هو أين وقع الخطأ في التعامل مع الإدارة الأمريكية الحالية. ولا بد لنا أن نفتش وندقق ملياً في كيف تحوّل باراك بن حسين من أفضل حليف كان يمكن أن يكون لنا إلى أسوأ رئيس أمريكي في حق أصدقاء الولايات المتحدة التاريخيين.

ليس الغرض من هذا المقال جلد الذات، ولا تبرئة الإدارة الحالية ومستشاريها «ويقال إن من بينهم إخوانيون، ومن هم من أصل فارسي» من هوسها في الخروج عن «كتاب قواعد واشنطن» التقليدي، وهو ما اعترف به الرئيس نفسه في مقابلة الأتلانتيك. لكن في الوقت ذاته، لا بد من الاعتراف بأننا فشلنا طوال ولايتي السيد أوباما في التأثير الإيجابي فيه، وفشلنا في الوقت ذاته في التأثير في الكونغرس الذي كان يمكن أن يتصدى للسياسات المتعلقة بِنَا، بحكم أن الديمقراطيين لم يتمتعوا بالأغلبية في معظم الأوقات.

أعتقد أن الخطأ وقع في أننا تعاملنا مع الرئيس أوباما بأسلوب إدارة المصالح التقليدي والذي تفوقنا فيه لعقود لدرجة دفعت بعض المراقبين لأن يقولوا يوماً إن الوحيدين القادرين على منافسة تأثير اللوبي الإسرائيلي هم السعوديون «وربما كان هذا صحيحاً في زمن بوش الأب والابن، وبيل كلينتون إلى حدّ ما».

إلا أن الرئيس «الشاب» أوباما مختلف .. فهو «ضد» المؤسسات والممارسات التقليدية، و«ضد» اللوبيات كذلك «وإلا لما أقدم على تحدي نتناياهو بالشكل الذي تم في عهده». وعلينا ألا ننسى أنه ـ ومهما أبدى من تواضع ـ يشعر بالزهو لكونه أول رئيس أسود في بلد اشتهر بعنصريته.

ما لم يساعد كذلك هو نيله لنوبل السلام في بداية عهده، الأمر الذي ترتب عليه هوسا بتبريره. وبدلاً من أن نقنعه نحن أنه بعدم احترام الخط الأحمر الذي وضعه للأسد فإنه يشجعه على سفك المزيد من الدماء، أقنعه الإيرانيون بعقد صفقة «تاريخية» معهم على الرغم من أنهم شركاء للأسد في جرائمه.

الواقع أيها السادة، أنه في ما نحن كنّا نحاول «تأديب» رئيس أقوى دولة في العالم، نجح الإيرانيون في مسايرته وأخذه «على قد تفكيره» .. وربما شاهدوا معه أفلام «باتمان» كذلك.

&

&