خالد أحمد الطراح

كان آخر لقاء مع الاخ العزيز المرحوم بإذن الله هشام العتيبي (ابو مناف) في منزلي، على العشاء على شرفه بعد فترة علاج طويلة في لندن في اواخر صيف 2016، وعلى الرغم من ان رحلته كان يفترض ان تكون مراجعة طبية روتينية، فان القدر شاء ان تتعقد حالته الصحية يوم سفره الى مدينته الفرنسية المفضلة، نيس.
كنت على اتصال دائم مع الاخت الفاضلة ام مناف واحيانا معه شخصيا، الى ان شافاه الله وعاد الى ارض الوطن، وكان لنا تجمع محدود من الاخوة والاحبة نلتقي من حين الى آخر في بيتي.
بعد نبأ وفاته، ومنذ اللحظات الاولى امتزج الحزن بشغف استرجاع مخزون الذاكرة، الامر الذي دفعني الى تصفح هاتفي النقال، حيث وجدت رسائل تذكير للاخوة الاصدقاء الذين سيشرفونني في المنزل على شرف المرحوم ابو مناف، وكانت هي المرة الوحيدة التي ابعث فيها مثل هذا النص، حيث جرت العادة ارسال مجرد تذكير باللقاء تقريبا كل شهر مرة لعدد من الاخوة الذين يتمتع كل منا بعامل مشترك مع الآخر، لذلك كان الحديث مفعما بالحماس والطرافة وتنوع الآراء.
ابو مناف، كان بسيطا في طلباته وملبيا للدعوات في اي يوم باستثناء مساء الاربعاء، حيث تعود حجز هذا اليوم للذهاب للسينما مع اختي العزيزة ام مناف، لذا اصبح معروفا عند الجميع ان الاربعاء يوم السينما لابو مناف فلابد من استثنائه من ايام الاسبوع.
جلسات المرحوم ابو مناف وتحديدا في ذاك العشاء الاخير، لم يخل من مشاركته بالتحليل لأوضاع البلد، خصوصا الاقتصادية، علاوة على تبادل المعلومات عن مختلف الامور، فقد تميز الفقيد هشام ببراعة المعرفة بالأنساب وعوائل الكويت، فما من اسم يذكر الا نجد ابو مناف يضيف للمعلومات المزيد من التفاصيل بابتسامة مشرقة، اراها امامي وانا اكتب هذه السطور، ولا اعتقد انها ستغيب يوما عن عيون محبيه.
للمرحوم شرطان بسيطان وهما ان يتم تقديم العشاء في وقت غير متأخر بسبب الادوية التي كان يجب ان يتناولها قبل العشاء، اما الشرط الآخر فهو خلو الاكل من اي توابل، خصوصا الحارة (الفلفل)، لذا فقد كنت احرص شخصيا على اعداد الطبق له.
بالرغم من وضعه الصحي المتعب الذي بدا فيه وهو على عكازه ونقص الوزن الحاد، الا ان هشام طل علينا كما عرفناه، مبتسما ومتفائلا ومشتاقا للكل.. صاحب عزيمة قاومت المرض سنوات.
في ذلك المساء وقبل خروج الكل اقترح احد الاخوة الاعزاء اخذ صور مع المرحوم وكأنه يعلم ان عشاء تلك الليلة سيكون الاخير مع اخينا وصديقنا هشام، رحمة الله عليه، فقد عاد الى المستشفى الاميري في مطلع ديسمبر الماضي ورحل بعدها الى جنات الخلد ان شاء الله.
رحل هشام لكن ذكراه ستظل تعطر كل مكان زاره وعرفه.