جويس كرم

مع بدء الاستعدادات لتنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب الجمعة المقبل، دخلت واشنطن أسبوعاً ساخناً وسط انقسام غير مسبوق في الرأي العام الأميركي، فرض احتياطات أمنية و«خطوط تماس» من الدرجة الأولى في واشنطن لتفادي مواجهات بين مؤيدي الرئيس الجديد ومعارضيه مع بدء توافد حشود الجانبين إلى المدينة.

وزادت من سخونة الحدث، تصريحات استفزازية للرئيس المنتخب تناولت حلف شمال الأطلسي الذي اعتبره بائداً وعديم الفائدة، والاتحاد الأوروبي الذي توقع تفككه، في مقابل عرضه «غصن زيتون» على روسيا، باقتراحه صيغة جديدة للتعاون تقوم على رفع العقوبات المفروضة على روسيا بعد ضمها القرم لقاء التفاوض على معاهدة جديدة لخفض التسلح النووي. ورأت موسكو أن من المبكر التعليق على هذه المبادرة التي أتت ضمن تصريحات لترامب إلى صحيفتي «بيلد» و «تايمز» مطلع الأسبوع الحالي. تناقضت تلك المواقف مع سياسات سلفه باراك أوباما الذي وقف نائبه جو بايدن وسط كييف داعياً المجتمع الدولي إلى مواجهة العدوان الروسي، في حين دخلت قوات أميركية النروج بعد بولندا في إطار سياسة تصدي لموسكو.

وانتقدت شخصيات مرموقة في السياسة الخارجية الأميركية تصريحات ترامب حول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وقال نيكولاس برنز، مساعد وزير الخارجية السابق على موقع «تويتر»: «كنت سفيراً للناتو يوم اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 ولن أنسى كيف دافع عنا حلفاؤنا وحاربوا معنا في أفغانستان. هل يذكر ذلك ترامب؟”. ولفت آخرون إلى التناقض الكبير في المواقف بين ترامب ووزرائه حول الموقف من روسيا و «ناتو» وخصوصاً المرشح لوزير الدفاع الجنرال المتقاعد جايمس ماتيس ومديري الاستخبارات مايكل بومبيو ودان كوتس المعارضين لتمدد روسيا.

وعلّقت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل على انتقادات ترامب الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وإشادته بخروج بريطانيا من التكتل، قائلةً: «مصيرنا نحن الأوروبيين في أيدينا. أريد أن أواصل السعي حتى تعمل الدول الأعضاء الـ27 معاً نحو المستقبل، لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين». وأضافت: «مواقفي في شأن المسائل الأطلسية معروفة، وعندما يتسلّم الرئيس المنتخب منصبه، سنعمل في شكل طبيعي مع الإدارة الأميركية الجديدة، وسنرى ما هي الاتفاقات التي سنتوصّل إليها».

وإذ ندّد ترامب بسياسة «كارثية» انتهجتها المستشارة لاستقبال المهاجرين، دعت مركل إلى «فصل (قضية الإرهاب) عن مسألة اللاجئين، في ما يتعلق بالحرب في سورية». ولمح ترامب إلى أن القيود التي يعتزم فرضها في مجال الهجرة قد تمتد لتشمل الأوروبيين.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر حكومية ألمانية إن مركل تعمل لتحديد موعد للقاء ترامب الربيع المقبل. ولفت يورغن هاردت، منسق العلاقات الألمانية عبر المحيط، إلى أن تصريحات ترامب تتعارض مع آراء عبّر عنها مرشّحاه لحقيبتَي الخارجية والدفاع ريكس تيليرسون وجيمس ماتيس، خلال جلسات في الكونغرس الأسبوع الماضي للمصادقة على تعيينهما.

وتعليقاً على اعتبار ترامب أن الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست «من أسوأ الاتفاقات وأكثرها حماقة»، أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن «الاتحاد سيواصل العمل لاحترام هذا الاتفاق وتطبيقه»، لافتة إلى أنه يحظى بـ «أهمية بالغة، خصوصاً بالنسبة إلى أمننا».

في واشنطن، زينت الأعلام الأميركية والمدرجات الخاصة جادة بنسلفانيا من مبنى الكونغرس إلى البيت الأبيض وهي المسافة التي سيقطعها موكب ترامب بعد خطاب التنصيب ظهر الجمعة.

ويوازي مشهد تحضيرات ترامب وفريقه، استعداد شرطة واشنطن والفنادق إلى تنفيذ إجراءات أمنية مشددة يومي الجمعة والسبت. إذ قال مديرو فنادق إنهم يتوقعون انقسام النزلاء بين مؤيدين لترامب أتوا للاحتفال ومعارضين أتوا للتظاهر. وفرض هذا الواقع زيادة الحضور الأمني داخل الفنادق الكبيرة لاحتواء أي مواجهات وصدامات.