علي القرني

 دافوس هي مدينة صغيرة في إحدى المقاطعات السويسرية، وعلى الرغم من قدمها تاريخيا منذ العصور الرومانية حيث اكتسبت هذا الاسم، إلا أنها تظل ذات شهرة عالمية لكونها تستضيف المنتدى الاقتصادي العالمي كل عام في مثل هذه الفترة، ويجتمع فيه كبار الاقتصاديين والسياسيين في العالم لمناقشة أكبر وأهم القضايا والموضوعات التي تأتي في قمة الأجندة العالمية.

دافوس هي مدينة صغيرة جداً بسكان لا يتجاوزون اثني عشر ألف نسمة، وهي في تناقص سكاني خلال العقد الماضي، ويمثل نسبة الأجانب فيها حوالي الربع، معظمهم من ألمانيا وصربيا وكرواتيا وإيطاليا. وتميل أجواؤها في العموم إلى البرودة والثلوج حيث توجد فيها مسابقات شتوية مثل مباريات الهوكي الجليدية وغيرها من الرياضات الشتوية. ولا شك أن بعضاً أو كثيراً من المحلات التجارية تعد بالإجمال موسمية في هذه المدينة الصغيرة.

كلاوس شواب هو مؤسس ورئيس منتدى دافوس للاقتصاد العالمي، ويحمل دكتوراه في الاقتصاد ودكتوراه أخرى في الهندسة، وكذلك يحمل درجة ماجستير من جامعة هارفارد، وكان يدرس في جامعة جنيف.. وأكثر ما اشتهر به شواب هو تأسيسه منتدى الإدارة الأوروبي عام 1971م، وتحول لاحقاً في عام 1987م إلى منتدى الاقتصاد العالمي، واشتهر بمنتدى دافوس.

كما نجح كلاوس شواب في استحداث نسخة صيفية من دافوس وتنظيمها في الصين منذ عام 2007م، توازي النسخة الشتوية المعروفة التي تعقد في دافوس سويسرا في الشتاء في يناير من مطلع كل عام.. حيث تعقد حالياً اجتماعات دافوس لكبار الساسية والاقتصادين في العالم، وهناك موضوعات عديدة ومهمة سيتناولها المنتدى منها الطاقة وأسعار النفط وحالة الاقتصاد العالمي، كما أن انتقال سلطة الإدارة الأمريكية إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستكون ضمن أجندة المشاركين حيث ستفرض حضورها بقوة في هذه النقاشات، لا سيما أن ترامب سيتسلم السلطة خلال فترة انعقاد المنتدى.

كما أن الصين دائماً هي عنصر ثابت في نقاشات دافوس الاقتصادية باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، كما أن حضور الرئيس الصيني شي جين بينج لأول مرة في هذا المنتدى علامة بارزة في أهمية ودور الصين في الاقتصاد العالمي. والصين هي قوة كبرى في الاقتصاد والعولمة، وتشارك في هذا المنتدى منذ عام 1991م.. وتجربة الصين في كثير من المجالات الاقتصادية والاجتماعية هي خبرة للفائدة لدى كثير من قادة السياسة والاقتصاد والفكر في العالم.

كما نشير هنا إلى أن الأردن قد نظم عدداً من اجتماعات دافوس لعدة سنوات بالتعاون مع منتدى دافوس الاقتصادي في عدد من الموضوعات الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، وهي تجربة ثرية ومهمة في هذا الخصوص. وبعد هذا التقديم عن دافوس ومنتداها، وعن الحراك العالمي الذي يحدث في هذه الاجتماعات ومراحل الإعداد التي يعمل عليها أكثر من ألف شخص كهيئة استشارية للمنتدى من مختلف التخصصات ومن كل مناطق العالم، ويشاركون في تحديد أجندة منتدى دافوس الاقتصادي كل عام، بعد هذا التقديم ماذا عن دافوس عربية؟.

في رأي الشخصي إن العالم العربي بحاجة إلى منتدى مشابه لمنتدى الاقتصاد العالمي يتناول مختلف مجالات الاهتمام والأوليات، ويكون مقر هذا التنظيم في المملكة العربية السعودية أو في الإمارات العربية المتحدة، وربما أن البنية اللوجستية للمؤتمرات العالمية تتهيأ أكثر في دبي أو أبوظبي أكثر من أي مدينة عربية أخرى، ولهذا فإن مؤتمراً سنوياً عن السياسات العربية هو ضرورة للنقاش والحوار عن الموضوعات الحيوية في الحياة العربية، مثل السياسة والاقتصاد والتعليم والإعلام والثقافة والشباب وغيرها.. وسأتناول إن شاء الله لاحقاً تطويراً لهذه الفكرة.