سالم سالمين النعيمي

أميركا تدين دعم قطر للإرهاب وفي نفس الأسبوع أميركا توقع اتفاقية مع قطر حول قضية تمويل مكافحة الإرهاب، حيث وقعت قطر والولايات المتحدة اتفاقية لمكافحة تمويل الإرهاب خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الأميركي "ريكس تيلرسون" إلى الدوحة في 11 يوليو المنصرم، وكأنه يوجه رسالة لدول المقاطعة والعالم أجمع، مفادها بأن استمرار أزمة قطر لا يعني بأننا لن نتعاون مع قطر ليتم بعدها بيومين فقط وبالتحديد في 13 يوليو 2017 توقيع اتفاقية بين أميركا وقطر في صفقة تقدر بقيمة 12 مليار دولار دفعتها قطر لشراء طائرات مقاتلة من طراز F- 15 وتجاهل أميركي بأن هذه الصفقة هي بمثابة تعزيز للتسليح الإيراني!

ومن جهة أخرى تؤيد الولايات المتحدة الإجراءات الاقتصادية والدبلوماسية التي فرضتها دول المقاطعة على قطر في تناقض غير مستغرب، وهو ما شجع الحكومة القطرية في عدم قبول الشروط المفروضة عليها ورفض تقديم أية تنازلات تذكر، وخاصة وهي تعلم أن فقدان الولايات المتحدة لقاعدة "العديد" سيكون بالتأكيد صداعاً لوجيستياً، ويضر في المدى القريب بقدرات الولايات المتحدة الأميركية على مواكبة نفس مستوى العمليات الجوية في المنطقة، وإفساح المجال لإيران وتركيا وروسيا والصين بتحقيق نصر جيوسياسي لا تُحمد عقباه على المدى الطويل.

وبالرغم من توفر قواعد أخرى في منطقة الخليج للولايات المتحدة الأميركية إلى أن في قطر أمر ما لا تستطيع أميركا أن تتركه بعيداً عن وضع اليد المباشرة والتدخل الفوري متى ما تطلب الأمر وتهددت المصلحة الأميركية العليا، وهناك أعمال تطوير كبيرة قائمة في القاعدة ومشاريع، العمل لا يتوقف عنها ليل نهار لضمان تواجد دائم في السنوات القادمة بعكس التصريحات الأميركية في العلن وتهديدها بترك قاعدة "العديد" الجوية.

وبحلول نهاية هذا العام، ستختتم الولايات المتحدة مشاريع بناء جديدة بقيمة 28 مليون دولار في هذه القاعدة بما في ذلك المستودعات ومرافق التدريب وتطوير قاعة الطعام، وربط نظام الصرف الصحي الأساسي بالنظام القطري، ومع استمرار ظهور تهديدات جديدة في المنطقة يخطط الجيش الأميركي لجعل المنشآت ذات بنية تحتية دائمة قادرة على جعل العمليات مستدامة.

ومن جهتها لن تتوقف أميركا عن سياستها الحالية مهما حصلت وحققت من غمر السوق بنفط وغاز منخفض السعر لمحاصرة أعدائها بمساعدة حلفائها وزعزعة استقرار العديد من المعارضين الأقوياء للسياسات العالمية الأميركية وكل من يهدد الهيمنة الأميركية ولذلك لم يتم إشعال جميع التوترات المفاجئة في جميع أنحاء الشرق الأوسط بمحض الصدفة، وتوزيع العصابات المسلحة في الشرق الأوسط لضمان حصتها في تفكيك الدول التي تتساقط كقطع الدومينو، وعلي بابا هذه المرة مرتدي زي الكاوبوي وليس له نية بالتوقف عن سرقة باقي المغارات!

فهناك تصعيد في التوترات في الشرق الأوسط، والتي تعود بدورها بفوائد جمة لشركات الدفاع الأميركية وشركات النفط والغاز والمعادن والبناء وغيرها من الشركات الكبرى في ظل انحصار واضح في أمواج أحادية القطب وضرب قوى الطبيعة بقوة القلب الأميركي، ولذلك لا بد من إعادة المواءمة الاستراتيجية بين حلفاء واشنطن الأكثر ولاءً في جميع مناطق العالم، بعد أن عجزت الولايات المتحدة عن الوفاء بوعودها بتغيير النظام في دمشق وغيرها، وأهمية أن تبدأ الولايات المتحدة حقبة جديدة تنطوي على حلول وسط وجلسات تفاوض قد تمتد لشهور طويلة، وهو أمر لم تعتد عليه الولايات المتحدة.

وهناك مثال على ذلك يتمثل في تغاضي أميركا عن دور قطر منذ بداية الأزمات الشرق أوسطية، وكون الإمارة الصغيرة في قلب مؤامرات ومخططات ولها مرتزقة تطلق عليهم "جهاديون" في أغلب دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتمويل الإرهاب، وهي حقيقة لا يمكن إنكارها وهو نفاق أميركي يظهر في وسائل الإعلام الرئيسية داخل الولايات المتحدة، وتضارب أقوال المسؤولين الحكوميين فيها في سيناريو محكم، وكل ما في الأمر هو السعي الحثيث لعقد الاتفاقيات السرية لتحقيق غاية أميركية تضع دول الخليج العربي في آخر سلم اهتماماتها، وألا تنزلق قدمها عن جسر الغاز والنفط الشرق أوسطي.

ولن يترك الباب مفتوحاًَ على مصراعيه للدب الروسي والتنين الصيني في الفوز بالصفقة الكبرى، وإنْ تطلب الأمر بلقنة الخليج العربي بمساعدة قطر، وهي الموعودة بالمقابل بمشيخة الظل الإيراني وفي أن تكون ضمن ثلة الأربعين حرامي وحارس مغارة "علي غازا".