خالد أحمد الطراح

 الكويت وشعبها كانا على موعد يوم الثلاثاء الموافق 27 / 9 / 2017 ليشهدا احتفالية يوم التناقض الكويتي -إن جاز التعبير- أبطالها مؤشرات اللجنة الكويتية الوطنية للتنافسية وحديث انشائي لوزير المالية في افتتاح مؤتمر «يورو موني» 2017!

ثمة فرق مهني بين دراسات تعتمد على مؤشرات وتحليل، ومؤتمرات تعتمد اساسا على الدعم الاعلاني، وبغض النظر عن طبيعة الفرق، فقد فشلت الحكومة بتقديري في تقديم بيانات ومؤشرات عن الاصلاحات المزعومة التي تطلبت الاسهاب وليس «عدم الاسهاب والاستفاضة» على حد تعبير انس الصالح نائب رئيس الوزراء وزير المالية خصوصا بالنسبة لوثيقة الاصلاح، التي كما يبدو ان الحكومة استندت إليها لتبرير عدم التقصير اثناء العطلة الصيفية لمجلس الامة، بينما الحكومة سبق لها التصريح على لسان وزير المالية بان الوثيقة «قيد التطوير والتعديل»، وهي واردة ايضا في مضابط مجلس الامة ووسائل الاعلام!
تقرير التنافسية الذي استعرضه الاخ العزيز الدكتور فهد الراشد حمل مؤشرات وبيانات مفزعة عن «التدهور والتراجع الحاد للكويت من المرتبة الـ38 الى المرتبة الـ52 وفقا لمؤشر التنافسية العالمية شاملا %90 من اجمالي المؤشرات الفرعية وانحدارا في قطاعات التعليم والصحة والخدمات الحكومية الأخرى».
وتناول التقرير بتفاصيل وجداول، وإن كانت مقدمة للتقرير الكامل عن وضع الكويت الذي سيصدر في وقت لاحق، «أن ممارسة الاعمال تصطدم بالبيروقراطية الحكومية والفساد واللوائح المقيدة للعمل، إضافة الى 13 عائقاً اخر».

في المقابل، تضمنت كلمة وزير المالية حديثاً انشائياً خلا من البيانات والمؤشرات وركز على قشور بعض المعوقات واعتراف «بهيمنة الحكومة على الاقتصاد الوطني»، واتخاذ «اجراءات حصيفة» من دون توضيح طبيعة هذه الاجراءات اذا كانت مختلفة عن الاقتراض والسحب من صندوقي الاجيال القادمة والاحتياطي العام الى جانب تقديم الرؤية للحلول باستثناء الاستشهاد بمعالجة «إجراءات اصدار التراخيص التجارية وخفض ايام تسجيل للأملاك العقارية وتصدير السلع والبضائع»، وهو دليل على تقوقع السياسة الحكومية حول منهج البيروقراطية، الذي هو السبب الرئيسي في تراجع الوضع الكويتي بشكل عميق وخطر، خصوصا على مستوى الاصلاح المالي والاقتصادي.
تطرق وزير المالية الى «جسامة الاختلال في الاقتصاد الكويتي الذي يعتمد على مورد طبيعي واحد وناضب وهو النفط»، بينما الحلول بخصوص تنويع مصادر الدخل والتنمية للموارد البشرية غابت عن الرؤية الحكومية، وهو ما يبرهن على صحة ما توصل اليه تقرير التنافسية الكويتي!
البيروقراطية الحكومية هي مصدر اساسي «للتراجع الكبير في تنافسية الاقتصاد الكويتي» بسبب تقصير المنظومة التنموية والتشريعية، وهو ما يعني السلطتين التنفيذية والتشريعية، بينما الحلول فهي ضمن المستقبل المجهول والقرار المفقود!
التحدي الكبير ليس أمام الحكومة، فقد فقدنا الامل في تغيير منهج التخطيط والتفكير بقدر ما هو اليوم امام شخص الاخ د. فهد الراشد، الذي اصبح اخيرا عضوا في المجلس الاعلى للتخطيط ولجنة السياسات العامة، وهو ما يترتب عليه ترجمة رؤية واقعية لإصلاح شامل ينتشل الكويت من الوضع المتدهور او اتخاذ قرار حاسم لمصلحة الكويت في عدم مجاراة الادارة الحكومية في سياسات عقيمة على حساب تنمية الدولة بشكل كمي وليس نوعياً!
أقترح ان تبادر الحكومة في طلب تنظيم ورشة عمل من قبل اللجنة الوطنية للتنافسية لمعالجة البيروقراطية والتعرف على الفرق بين ما هو نوعي وكمي في التنمية، لعل جهاز التخطيط التنفيذي والقائمين على السياسة المالية والاستثمارية يدركون المخاطر التي تواجه الدولة بالأمس واليوم والمستقبل.
وفي حال لم تنفع ورشة العمل فربما اللجوء الى المشعوذين لفك سحر بيروقراطية كراسي الحكومة يكون، للاسف، الخيار الاخير امامنا!
تقرير التنافسية الكويتي ينبغي ان تتبناه مؤسسات المجتمع ونواب الامة ليكون وثيقة الاصلاح البديلة لوثيقة الحكومة التي دخلت مرحلة الانعاش منذ ولادتها!.