محمد العسومي

انضم سوق الكويت للأوراق المالية «البورصة» مؤخراً لمؤشر «MSCI» للأسواق الناشئة، إذ يهدف هذا المؤشر لقياس أداء الشركات في بلدان الأسواق الناشئة ضمن العديد من المعايير التي يأتي في مقدمتها حجم السيولة وسهولة الاستثمار والشفافية مع تقديم تقييمات دورية لأوضاع هذه الشركات، حيث يعتبر مثل هذا الانضمام للمؤشر إنجازاً وتطوراً مهماً ستتحول معه البورصة الكويتية إلى جهة استثمارية أكثر جذباً لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية، إذ تتوقع شركة «فوتسي راسل» أن يجذب هذا الانضمام 750 مليون دولار للسوق الكويتية، كما أنه يعكس مدى التقدم الذي تحقق في مجال الالتزام بالمعايير الدولية لعمل البورصات، وكذلك تطور أنظمتها التشريعية والقانونية.

وإلى جانب البورصة الكويتية يتوقع أن تنظم السوق السعودية للأوراق المالية لهذا المؤشر العالمي في منتصف السنة القادمة 2018 بعد أن تكون قد استكملت متطلبات الانضمام، مما سيكون له تأثيرات مباشرة ليس على السوق السعودية وحدها، وإنما على أسواق المنطقة ككل، باعتبار البورصة السعودية الأكبر في العالم العربي. ويتزامن هذا الانضمام في العام القادم مع طرح 5% من أسهم شركة «أرامكو» للاكتتاب في الأسواق الدولية، وهي أكبر شركة للنفط في العالم، مما سيشكل بدوره دفعة قوية للسوق السعودي، حيث ستساهم عوامل أخرى، كارتفاع أسعار النفط لتزيد على 60 دولاراً للبرميل، وكذلك الإعلان عن تنفيذ مشاريع عملاقة في ثلاث من أهم مناطق المملكة، في زيادة تدفق رؤوس الأموال، وبالأخص الأجنبية، إذ توقعت نفس شركة «فوتسي» أن تستقطب السوق السعودية استثمارات بمقدار 3.5 مليار دولار.

معلوم أن سوقي الإمارات للأوراق المالية (أبوظبي ودبي) سبق أن انضمتا لهذا المؤشر، مما أدى إلى تدفق الكثير من رؤوس الأموال وزيادة كبيرة في أعداد المستثمرين لتتحول معه سوقا الإمارات إلى أكثر بورصات المنطقة استقطاباً للاستثمارات الإقليمية والأجنبية في السنوات القليلة الماضية.

لقد ساهم ذلك في إدراج المزيد من الشركات المساهمة، وذلك رغم تأثيرات الأزمة المالية العالمية على مختلف الأسواق المالية في العالم، إضافة إلى تدهور أسعار النفط، إلا أن أسواق المال الخليجية ظلت متماسكة بوجه عام، وبالأخص بعد أن ارتفعت أرباح الشركات المساهمة، وبالأخص البنوك التي زادت بصورة ملحوظة من حجم التوزيعات، وذلك على العكس من التوقعات التي أشارت في السابق إلى إمكانية تأثر هذه التوزيعات بالأوضاع الاقتصادية العامة، وفي مقدمتها انخفاض أسعار النفط وعجز الموازنات العامة، ذلك يعني أن أسواق المال الخليجية تسير في الاتجاه الصحيح لتواكب التقدم الاقتصادي، ولتعزز من التوجهات الاستراتيجية الرامية إلى تنمية الدور التنموي للقطاع الخاص والمؤسسات المساهمة العامة التي يمكنها أن تستقطب بالإضافة إلى رؤوس الأموال الكبيرة، استثمارات ومدخرات صغار المستثمرين التي تلعب دوراً كبيراً في التنمية، خصوصاً أنه يلاحظ في السنوات الماضية انضمام المزيد من الشركات المساهمة الصناعية، أو ذات الطابع الإنتاجي، وذلك بعد سنوات طويلة من اقتصار البورصات أساساً على المؤسسات الخدمية والمالية والعقارية.

من جهة أخرى، سيساهم ذلك في زيادة رسملة الشركات الخليجية المساهمة وتركز رؤوس الأموال التي تشارك فيها أعداد كبيرة من فئات المجتمع الباحثة عن فرص استثمارية مجدية، إضافة إلى الاستثمارات الأجنبية، مما يعني ضخ استثمارات إضافية في شرايين الاقتصادات المحلية لتساهم في زيادة معدلات النمو، وإضفاء المزيد من التنوع المنشود على الاقتصادات الخليجية. وبما أن الأسواق الخليجية أضحت مفتوحة على بعضها، فإن تقارب مستويات نموها وتطورها أصبح مسألة مهمة لإمكانية التنسيق بينها في المستقبل، مما يتطلب أن يسعى سوقا البحرين وعُمان إلى تعديل أوضاعهما وتطوير تشريعاتهما للانضمام لمؤشر الأسواق الناشئة، مما سيساعد على عملية التكامل والاستقطاب وزيادة الدور التنموي لأسواق المال الخليجية.