صلاح الجودر 

بعد أن رفض النظام القطري كل المبادرات والمساعي الخيرة لتسوية الأزمة بمنطقة الشرق الأوسط والذي يعتبر المحرك الأساسي فيها كان لزامًا على الدول المقاطعة القيام بتلك الإجراءات نيابة عنه لمحاصرة تلك الجماعات وتضييق الخناق عليها وتصفيتها، أفرادًا ومؤسسات.

لقد أعلنت الدول الأربع المقاطعة ( السعودية والإمارات والبحرين بالاضافة الى مصر) عن القائمة الارهابية الثالثة، والتي تضمنت مؤسستين وأحد عشر فردًا، والأبرز هو المجلس الإسلامي العالمي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمؤسستين تعملان على ترويج الإرهاب عبر استغلال الخطاب الإسلامي واستخدامه غطاءً لتسهيل النشاطات الإرهابية والعنفية، أما الأفراد فقد نفذوا أعمالًا إرهابية من خلال الدعم المباشر من النظام القطري.

إن الإجراء ( القائمة الثالثة للإرهاب) الذي قامت به الدول الأربع المقاطعة للنظام القطري يجيب على كل الأسئلة المطروحة وأبرزها: لماذا قطعت الدول الأربع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة، ولماذا رفضت قطر كل المبادرات والوساطات وأبرزها مبادرة أمير الكويت الشيخ صباح الجابر الصباح، إن الإجراء كان من مسؤولية النظام القطري للتصدي للجماعات الارهابية، وتجفيف مصادر التمويل وإغلاق منصاته الإعلامية، وحينما عجزت الدوحة من القيام بذلك الدور الذي يبرأ ساحتها ويبعد الاتهام عنها فقد قامت الدول الأربع بإصدار القائمة الثالثة لمحاصرة الإرهاب وتجفيف منابعه والتصدي لخطاباتها التحريضية!.

لقد تفجرت الأزمة الدبلوماسية مع النظام القطري في الخامس من يونية الماضي ( 2017م) حين قطعت الدول الأربع علاقاتها، وتبعتها اليمن وليبيا وجزر المالديف وجزر القمر وموريتانيا بقطع العلاقات الدبلوماسية، وأعلن الأردن وجيبوتي عن تخفيض التمثيل الدبلوماسي وإلغاء تصريح مكتب قناة الجزيرة في الأردن، لقد جاءت تلك الإجراءات بعد ان اتضح وبالدليل القاطع بأن الإرهاب الإقليمي يمر عبر الدوحة التي تقدم له كل الدعم والتسهيلات، ومنها: ان النظام القطري قدم الدعم للجماعات الإرهابية باستيطان الدوحة وتسهيل الحصول على جوازات قطرية، وتقديم الدعم المالي للجماعات الإرهابية في العراق وسوريا في ابريل 2017م، فقد دفعت الدوحة لمليشيات شيعية بالعراق مبلغ 700 مليون دولار لإطلاق سراح 26 رهينة، وكذلك دفعت لجماعات سنية ما بين 120 الى 140 مليون دولار ( هيئة تحرير الشام) ومبلغ 80 مليون دولار لأحرار الشام، بمجموع 900 مليون دولار على شكل أموال نقدية في خزينة الجماعات الإرهابية بالمنطقة.

ومما عقد الأمر هي تصريحات أمير قطر في مايو الماضي والذي بثته وكالة الأنباء القطرية حين أعرب عن تأييده لإيران وحماس وحزب الله وإسرائيل، وقد زاد بأن قال: ( إيران تمثل ثقلًا إقليميًا وإسلاميًا لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، مؤكدا أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة)، وفي مايو 2017 بثت وكالة الأنباء القطرية تصريحات لأمير قطر انتقد فيها ما أسماه ( المشاعر المعادية لإيران)، ولكن سرعان ما تم نفيها من قبل المسؤولين القطريين.

لقد جاءت الوساطات لاحتواء الأزمة ولكن النظام القطري رفضها جميعها وأخذ بالتسويف والمماطلة في محاولة للهروب الى الأمام، فلم تكن المقاطعة العربية هي الإجراء الاول والمفاجئ ولكن سبقته إنذارات وتنبيهات كثيرة لم تلقَ من النظام القطري إلا المراوغة والسخرية، ففي مارس 2014م سحبت السعودية والبحرين والامارات سفراءها من الدوحة بسبب ما وصفوه بعدم التزام الدوحة بمقررات تم التوافق عليها بمجلس التعاون الخليجي، وليست سرًا اليوم بعد ان سقطت كل الأقنعة وأصبح اللعب على المكشوف، فالنظام القطري كان الداعم الرئيسي لما يعرف بثورات الربيع العربي الإرهابي، كما إنها الداعم الرئيسي لجماعة الاخوان المسلمين وكذلك توجيه منصتها الإعلامية ( الجزيرة) للتحريض والتأجيج في بعض الدول مثل مصر والبحرين، ولمن شاء فليستمع للتسريبات من قناة الجزيرة لأحداث الفوضى والدمار بالبحرين!.

ليس من خيار للدول الأربع المقاطعة إلا أن تواجه الجماعات الارهابية المختبئة في الدوحة، فالإجراءات التي عجز النظام القطري عن القيام بها هي اليوم بأيدي الدول الأربع، فالنظام القطري لازال يقدم الدعم والمساندة للتنظيمات الارهابية، ويحتضن أفرادها، ولم يتخذ أي إجراء لمواجهتها ووقف أنشطتها.

من هنا فإن الدول الأربع المقاطعة للنظام القطري ستواصل جهودها لمكافحة الأنشطة الإرهابية واستهداف مصادر التمويل وإغلاق منصاته الإعلامية، ونخشى بعد معالجة كل الملفات الإقليمية أن نجد النظام القطري وهو مربع الإرهاب الأول!!.