محمد الحمادي 

يدور الحوار والجدال وتتطاير التساؤلات منذ أيام حول انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي الثامنة والثلاثين في دولة الكويت الشقيقة، وما مر به المجلس هذا العام يجعل هذا الأمر طبيعياً، فدول المجلس تمر بظروف صعبة بسبب الأزمة مع دولة قطر الشقيقة، التي اختارت أن تغرد خارج السرب، وأن تكون بعيدة عن شقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي، وبعيدة عن الإجماع العربي.

على مدى أربعة عقود لم تتعطل القمة الخليجية، بل على العكس، ففي وقت الأزمات كان العام الواحد يشهد أكثر من قمة خليجية، ولشدة اهتمام وحرص القادة على هذا الكيان وعلى العمل المشترك، قرروا أن يجتمعوا بين القمتين في قمة تشاورية لزيادة التنسيق والعمل على تنفيذ القرارات.

انعقاد القمة الخليجية أمر مهم، وحضور جميع الدول مهم أيضاً، وإذا أرادت قطر التي صدر بحقها قرار المقاطعة من نصف دول المجلس أن تشارك، فالباب مفتوح فلا هي محاصرة، ولا هي مستلبة الإرادة أو منزوعة السيادة.

ويجب أن نؤكد أنه تمت مقاطعة قطر عندما اكتشفت الدول الثلاث ومصر أنها مصرة على دعم الإرهاب وتمويله واكتشفت أيضاً إصرارها على التدخل في شؤون جيرانها من الدول الخليجية، وكذلك شؤون الدول العربية، وليس أدل على إصرارها على التغريد خارج السرب أكثر من موقفها منذ يومين في اليمن ومحاولتها إطالة أمد الأزمة اليمنية من خلال محاولة ثني علي عبدالله صالح عن الوصول إلى حل ونهاية للأزمة اليمنية، وعمل قطر على إبقاء علاقة صالح قوية بالحوثي، وهي تدرك أن ذلك يعني التأثير على جهود الحكومة الشرعية وعلى التحالف العربي وإطالة أمد الحرب!

إن مصالح دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها أهم بكثير من أزمة قطر التي هي صغيرة جداً جداً جداً، وانعقاد القمة مكتملة بحضور الجميع أمر قد يكون واقعاً يوم غد، ولكن السؤال ما هو مستوى تمثيل الدول في حضور هذه القمة، ومن الذي سيحضر من الدول الخليجية، ومن الذي لن يحضر؟!

وكيف سيكون اللقاء بين الدول الثلاث المقاطعة وقطر، وحول ماذا سوف يدور الاجتماع، وما هو جدول أعماله، فبلا شك أن الموضوع القطري لن يكون على طاولة الاجتماع الرئيسي للقمة، ولكنه سيكون العنوان الأبرز في هذه القمة.

إن حضور المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، والبحرين هذه القمة يؤكد حرصها على هذا الكيان الخليجي، فالدول الثلاث، وسلطنة عمان، والكويت هي التي طالما دعمت المجلس والتزمت بتنفيذ قراراته عكس دولة قطر الشقيقة، التي كانت أقل الدول التزاماً بقرارات المجلس، وبالتالي هي الأقل تضرراً من عدم انعقاد القمة، أو حتى فشل مجلس التعاون الخليجي، فللأسف تبيّن في الأزمة الأخيرة عدم حرص قطر على المجلس بشكل واضح للجميع.

إن احترام وتقدير دول مجلس التعاون الخليجي بما فيها السعودية والإمارات والبحرين دولة الكويت وأميرها الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، سيجعلها تلبي دعوة سموه، وتبادر بالمشاركة في هذه القمة وتحرص على أن تكون قمة ناجحة بكل المقاييس، وستكون قمة الحفاظ على مكتسبات المجلس.