زاهي حواس

 احتفت وسائل الإعلام في كل مكان بالخبر الذي أعلن في المملكة العربية السعودية عن اكتشاف اسم الملك رمسيس الثالث على صخور واحة تيماء. وقد أكد هذا الكشف وجود علاقات تجارية بين الفراعنة والجزيرة العربية، بعد أن كانت هذه العلاقات معروفة فقط بين مصر وسوريا وفلسطين والعراق. والحقيقة أن هناك اكتشافات أثرية كثيرة تُعلن في السعودية، وللأسف فإن الإعلان عنها يكون في أحيان كثيرة محلياً في حين يجب أن تخرج للعالم؛ ولا بد من جذب القنوات العالمية لإنتاج أفلام عن هذه الاكتشافات، وهناك أكثر من خمسة وثلاثين بعثة أجنبية وسعودية تعمل في مواقع مختلفة بالمملكة، وأغلب اكتشافاتها يعود إلى عصر ما قبل الإسلام.

وفى الملتقى الأول لآثار السعودية، ألقى الدكتور علي الغبان محاضرة عن أهم الاكتشافات التي تحققت مؤخراً في المملكة، وقد اندهشت من القيمة الأثرية العالية لهذه الاكتشافات، وكيف أننا لم نسمع عنها من قبل، وبلا شك أن الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني استطاع خلال السنوات القليلة الماضية وضع الأسس المنظمة لإدارة التراث الأثري بالمملكة. واستطاع الأمير سلطان بما لديه من علم وعشق لبلاده وضع رؤية واضحة للنهوض بالتراث الوطني السعودي. ومن أهم الاكتشافات الأثرية التي أُعلنت؛ الكشف عن موقع حضارة «المقر القديمة»، التي يعود تاريخها إلى 9000 سنة، وقد أكدت الحفائر في هذا الموقع أن سكان المنطقة قد استأنسوا الخيول منذ هذا التاريخ، وتشير الدراسات العلمية السابقة إلى أن الخيول عُرفت منذ 5500 سنة في أواسط آسيا؛ لذلك فإن هذا الكشف يؤكد قدم معرفة الخيول بالجزيرة العربية.


هذا بالإضافة إلى اكتشافات أثرية أخرى مهمة لم تكن معروفة من قبل، وخصوصاً من عصر ما قبل التاريخ، ومن أهم الاكتشافات ما عُثر عليه بمدينة ثاج القديمة عن وجود خمسة مستويات رئيسية من الاستيطان البشري بشرق الجزيرة العربية يعود تاريخها إلى 500 – 300 سنة قبل الميلاد. وقد عُثر على كشف آخر كان يجب أن يُعلن للعالم كله، وهو الكشف عن عظمة بشرية عُثر عليها في بحيرة جافة بمحافظة تيماء، وقد تمت دراستها، وأعلن العلماء أن عمرها يعود إلى 90 ألف سنة، وبذلك يمكن أن نقول: إن هذه العظمة أقدم عظمة بشرية، وتؤكد أن أصل العالم كله جاء من السعودية.
وعُثر أيضاً في منطقة الجوف على قنوات مائية نُحتت تحت الأرض، وذلك لتصريف المياه. أما أهم الاكتشافات، فكان الكشف عن مقبرة خاصة بأميرة وقد تكون ملكة، وعُثر على المقبرة كاملة وداخلها كنوز أثرية من مجوهرات، وعقود، وأدوات استخدمت في الحياة اليومية. وعُثر أيضاً في نجران على كتابة بالخط العربي يعود تاريخها إلى القرن الأول، مكتوبة بلغة عربية وبخط عربي جميل يؤكد وحدة الثقافة في الجزيرة العربية.
المؤكد أن رمال المملكة بدأت تبوح بالعديد من الأسرار، خصوصاً أن المناطق الأثرية لم تمس من قبل؛ ولذلك سوف نسمع عن اكتشافات هائلة في هذه المواقع الأثرية المهمة.