تركي التركي 

أقل من شهرين منذ زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي وعرّاب الرؤية السعودية النشطة 2030 لواشنطن عاصمة القرار العالمي. وكعادة الأمير الشاب كان محملا بالأرقام والأهداف الواضحة في لقائه القصير بالرئيس المنتخب ترمب.

ما أثار بدوره فضول الرئيس حينها داعيا مزيدا من المستشارين والنواب وأعضاء الحكومة الأمريكية للاطلاع عن كثب على ما تحمله الدبلوماسية السعودية بقيادة الأمير محمد من فرص واعدة للطرفين في إطار الرؤية. ليتجاوز اللقاء بروتوكولات التهنئة المعتادة إلى اجتماعات وورش عمل مشتركة على عدة مستويات سياسية واقتصادية وعسكرية تقطف الرياض اليوم أولى ثمارها باختيار الرئيس ترمب السعودية أولى وجهاته الخارجية.
فالزيارة الأولى للرئيس الأمريكي تعد تاريخية ومؤثرة في مسار حكمه وعلى اختيارات البيت الأبيض السياسية المقبلة لذلك لا يكون اختيارها اعتباطا. بل رسالة ذات مضامين داخلية وخارجية. استقبلها الإعلام الأمريكي بكثير من الارتياح والإشادة عبر أبرز قنواته المكتوبة والمشاهدة. مشيدة بهذا الاختيار الذكي على حد تعبيرها. فالسعودية وفقا لمعلقين أمريكيين هي قلب العالمين الإسلامي والعربي النابض بالقرارات المؤثرة حاضرا ومستقبلا.
واختيار ترمب للسعودية يعيد العلاقات الأمريكية - السعودية إلى سابق دفئها لذلك لم يتردد الرئيس نفسه في مؤتمره الصحافي في وصف هذه الزيارة بالتاريخية تقديرا لمكانة السعودية ومركزيتها وثقلها إقليما ودوليا. فضلا عن فاعليتها في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه منذ عقود مضت بكل السبل الفكرية والأمنية والاقتصادية أيضا.
ولعل السبل الاقتصادية هي جوهر الرؤية السعودية الطموحة 2030 التي تحمل لأبنائها وللمنطقة التي تعاني الأمرين كثيرا من الوعود الإيجابية بالنمو والازدهار في مواجهة ما تثيره الدسائس الإيرانية وتصدره، من خراب ودمار، غضت عنه واشنطن عينيها في الثماني سنوات الفائتة، أملا في عقد اتفاقات نووية واقتصادية لا تزال تراوح مكانها كنتيجة طبيعية لسياسة منقسمة على ذاتها تراوح بين ما هو غيبي لا يصدقه عقل وبين مسرحيات انتخابية تدعي الانفتاح والتظلم فقط لكسب الوقت محليا ودوليا كما أشار إلى ذلك الأمير محمد بن سلمان في حواره الأخير مع الزميل دَاوُدَ الشريان.
فيما اختارت إدارة الرئيس ترمب تجاوز هذه المرحلة من دبلوماسية واشنطن العرجاء التي تكيل بمكيالين، لتعود إلى توثيق مسارها القديم مع المملكة وما خبرته من مصداقية سعودية لم يزدها الوقت وتوتر العلاقات العابر إلا ثباتا وتفريقا بين الحليف المعتدل الذي يروم الازدهار له ولغيره من شعوب المنطقة. وأنظمة أخرى معادية لم تسلم من تجويعها وإفقارها شعوبها. فكيف هو الحال بغيرهم من المحيطين من أبناء المنطقة؟
يبقى أنه لابد من التذكير أن هذه القمة المنتظرة بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس ترمب أواخر الشهر الجاري والمتضمنة قمتين إضافيتين مع قادة مجلس التعاون وقادة دول إسلامية لم تكن لتتحقق بهذا الزخم الإقليمي والدولي لولا دبلوماسية سعودية نشطة ومؤثرة تحمل بيدها رؤية فتية تؤكد دائما أن السعودية هي "العمق العربي والإسلامي .. قوة استثمارية رائدة .. ومحور ربط القارات الثلاث"