أحمد الغز

الأيام المقبلة سيكثر الحديث عن احتمالات ما سينتج عن القمة العربية الإسلامية الأميركية، وستبقى التوقعات في حدود ترتيب الأولويات، بعيدا عن أي محاولة لصناعة سيناريوهات للاجتماعات وما سينتج عنهامعظم الأحداث السياسية الكبرى يصار الاهتمام بها بعد حدوثها، وغالبا ما تكون خارج التوقعات، لذلك يسهل على المتابعين كتابة التحليلات بعد وقوع الحدث وهذا ما ألفناه. أما ما نتابعه هذه الأيام فهو أمر مغاير تماما. إنها الزيارة الحدث للرئيس الأميركي إلى مدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، حيث سيتم عقد قمة ثنائية بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الأميركي دونالد ترمب، ثم لقاء قمة مع قادة مجلس التعاون الخليجي، ثم لقاء قمة عربية إسلامية غير مسبوقة، ثم قمم ثلاثية مع الملك سلمان، والرئيس الأميركي، وقادة عرب ومسلمين، منهم ملك المغرب والرئيس المصري والرئيس التركي والرئيس الباكستاني. 
لا أحد يستطيع التكهن بما سينتج عن هذه القمم المكثفة، ولكن جميع المراقبين الدوليين والإقليميين والعرب يتهيبون هذه الزيارة، وما سينتج عنها من تحولات تاريخية لجهة الانتظام ولم الشمل وإعادة ترتيب الأولويات ومواجهة التحديات على أساس حل الخلافات العربية- العربية، والعربية- الإسلامية، ورفع آثار السياسات الدولية السلبية على منطقتنا وشعوبنا، وخصوصا السياسات الأميركية خلال السنوات الماضية، وبالتحديد منذ غزو العراق حتى الآن، أي خلال ما يقارب أربع ولايات رئاسية أميركية، ولايتان لبوش الابن الجمهوري، وولايتان لباراك أوباما الديموقراطي. 
نستطيع أن نتوقع بعض موضوعات القمم الحدث القادمة في المملكة العربية السعودية، بدءا من القضية المركزية للدول والشعوب العربية والإسلامية، وهي القضية الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، والذي قال عنها الملك فيصل -رحمه الله- مخاطبا هنري كيسنجر، عندما جاء إلى السعودية للحديث عن آثار قرار قطع النفط التاريخي ورغبة أميركا بالعدول عنه، فأجابه الملك فيصل: أنا رجل كبير بالسن ولدي حلم أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى بالقدس الشريف، فهل تستطيع تحقيق رغبتي؟ ويجمع المراقبون على أن قادة العرب والمسلمين خلال قمتهم القادمة مع الرئيس الأميركي سيعيدون لقضية فلسطين والقدس الشريف مكانتها الرفيعة. 
أما الموضوع الثاني وهو موضوع الانسحاب الأميركي من المنطقة فأعتقد أنه سيكون من الموضوعات الرئيسية، وذلك لما تسبب به من تداعيات ونزاعات وتفكك للمجتمعات، وخصوصا في العراق وسورية اللتين شهدتا تهجير الملايين من بيوتهم وقراهم حتى بلغ النزوح العربي من سورية والعراق ما يزيد على الخمسين بالمئة من النزوح العالمي، وأصبح إلى حد بعيد الموضوع الإنساني الأول على المستوى الدولي والإقليمي والعربي، وخصوصا أن دول الجوار السوري تستضيف الملايين من النازحين. 
الموضوع الثالث سيكون قضايا النزاع المسلح في اليمن وليبيا وسورية والعراق والتدخل الإيراني في إنتاج الفوضى المسلحة في دول الجوار وتشكيل جماعات مسلحة تعمل على تفكيك المجتمعات العربية على أساس مذهبي، وذلك ساعد الجماعات المتطرفة على سهولة الاستقطاب في مجتمعات النزاعات المسلحة والجوار، على اعتبار أن التطرف والإرهاب هو أحد نتائج تفكك الدول والمجتمعات، كما حصل في العالم إبان الحربين العالمتين الأولى والثانية، من ظواهر تطرف ومجازر وإبادات جماعية على أساس العرق والدين. 
الموضوع الرابع هو إيجاد قاعدة للعمل المشترك في مواجهة الإرهاب وتعزيز الاستقرار عبر التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب، والذي أعلن عنه في حفر الباطن العام الماضي ومقره السعودية، وكذلك التحالف العربي في اليمن، والذي يضم عشر دول عربية تشكل نواة القوات العربية المشتركة أو الناتو العربي، والتي تحتاج مع قوى التحالف الإسلامي إلى إيجاد صيغة عملية للتعاون وتعزيز الاستقرار العربي والإسلامي والدولي، بالإضافة إلى المساهمة الفاعلة في محاربة الإرهاب. 
خلال الأيام المقبلة سيكثر الحديث عن احتمالات ما سينتج عن القمة العربية الإسلامية الأميركية، وهناك الكثير من التفاؤل بالحدث السياسي الكبير الذي أسست له سياسة الحزم وإعادة الأمل الحكيمة لقادة المملكة العربية السعودية. وستبقى التوقعات في حدود ترتيب الأولويات، بعيدا عن أي محاولة لصناعة سيناريوهات للاجتماعات وما سينتج عنها، لأن هذا الحدث غير مسبوق في تاريخ القمم والزيارات والاجتماعات. فهل سيبدأ من الرياض زمن عربي إسلامي جديد؟