فهد عريشي

أعتقد أن الوقوف احتراما للسلام الملكي لا يتعارض مع ثوابت وقطعيات الدين الإسلامي التي تتوافق مع ولاء وحب الإنسان لوطنه، وتتوافق مع حب الإنسان لعلم وطنه

السؤال الذي قرأته في العنوان أعلاه يوجد على موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وكان الجواب عليه من لجنة من عدة أعضاء، وبتوقيع الشيخ ابن باز رحمه الله برقم 2123: «لا يجوز للمسلم القيام إعظاما لأي علم وطني أو سلام وطني، بل هو من البدع المنكرة التي لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد خلفائه الراشدين رضي الله عنهم، وهي منافية لكمال التوحيد الواجب وإخلاص التعظيم لله وحده، وذريعة إلى الشرك، وفيها مشابهة للكفار وتقليد لهم في عاداتهم القبيحة ومجاراة لهم في غلوهم في رؤسائهم ومراسيمهم، وقد نهى النبي صلى الله عليه سلم عن مشابهتهم أو التشبّه بهم».
ولأننا شعب يحركنا الخطاب الديني ويؤثر في مجريات حياتنا، ويتحكم في تفاصيلها، ومتابعة واحدة لأحد برامج الإفتاء المنتشرة على أغلب القنوات، والإذاعات تثبت لنا أن أغلبنا لا يأكل ولا يسمع ولا يشرب ولا يمارس حياته إلا وفقا لأحكام وقوانين الإفتاء، ولذلك فإن ما حدث في جامعة شقراء من رفض بعض الحضور الوقوف للسلام الملكي نستطيع أن نفسره بأنه استمرار لممارسة الحياة وفقا للفتاوى التي يصدرها الخطاب الديني، ونستطيع أن نفسر أيضا أن هؤلاء الذين لم يقفوا يقعون تحت تأثير الفتاوى الشرعية التي يجب علينا تجديدها وفقا للحقبة الزمنية المعاصرة، وما كان حراما سابقا مثل التصوير، والمذياع، وتعليم المرأة، والتلفاز، والدش، والهاتف، والجوال، نجده محللا ومباحا في هذا العصر، ولذلك نتمنى من الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء أن تتفاعل مع هذا الحدث الذي وقع في جامعة شقراء، وأن نرى رأيها في هذا العصر الحديث حول الوقوف احتراما للسلام والعلم الوطني.
السؤال الذي سأله السائل وأجابت عنه الرئاسة سؤال ملغم، إذ وضع فيه عبارة التعظيم، ولذلك جاءت الفتوى على التعظيم، حيث وقعت في فخ السؤال، بينما الوقوف للسلام الملكي ليس من باب التعظيم ولا التقديس، وإنما هو تعبير وطني يشترك فيه أبناء الوطن جميعا، فيه احترام للوطن والعلم والقيادة والأرض والمواطن وفيه ولاء وانتماء.
تجديد الخطاب الديني هو ضرورة كل عصر، والفتاوى المتجددة هي أحد أهم ركائز تجديد الخطاب الديني الذي يجب علينا تجديده، اعتصاما بالثوابت والقطعيات، إذ أعتقد أن الوقوف احتراما للسلام الملكي لا يتعارض مع ثوابت وقطعيات الدين الإسلامي التي تتوافق مع ولاء وحب الإنسان لوطنه، وتتوافق مع حب الإنسان لعلم وطنه ونشيده وغنائه، والافتخار به وصيانته والدفاع عنه، والقيام بالواجبات والمسؤوليات تجاهه، وأقلها الوقوف احتراما لعلمه أو نشيده الوطني، بل إن حب الوطن من المنظور الشرعي هو أحد وسائلنا المهمة لإبعاد الأفكار الدخيلة التي تحث على الإرهاب، وإبعاد الشبهات والخلط الفكري الذي ذهب ضحيته الكثير من شبابنا، إثر تطرفهم وانتمائهم لجماعات إرهابية، وتمردهم على ثوابت ومسلمات الدين أثرت في انتمائهم للدين الإسلامي والولاء للوطن.
ما حدث في جامعة شقراء يجب ألا يمر مرور الكرام على الهيئة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، ونأمل منها أن تسارع لإصدار فتوى حول الوقوف احتراما للسلام الملكي، لننقلها لمناهجنا المدرسية وخطابنا الديني من خلال منابر المساجد، والبرامج الدينية والوطنية.