مطلق بن سعود المطيري

اختيار الرئيس دولاند ترمب الرياض لتكون محطته الأولى للانطلاق سياسيا نحو عواصم وقضايا سياسية شائكة، كان ذلك الاختيار محل جدل كبير في العالم، فقط تم وضع إطار تفسيري لهذا الاختيار، تفسير يهاجم الرئيس الأميركي وآخر ينتقد المملكة، فلماذا هذا الموقف من اختيار الرئيس الأميركي الرياض لتكون الأولى؟

الإجابة تكون في السياسة السعودية، والسياسة السعودية فقط، فهي سبب الزيارة والاختيار، وعلينا كسعوديين ألا نتواضع أمام تلك الانتقادات، فالتواضع أمام الاتهامات المغرضة قد يكون ضعفا غير مبرر، من مصادر الفخر في السياسة السعودية أنها استطاعت أن تدير العلاقات السعودية الأميركية في فترة حكم الرئيس أوباما بذكاء حذر، فقد تمكنت من صيانة مصالحها الثنائية مع واشنطن بدون أن تغير مواقفها من قضايا المنطقة، فإيران في السياسة السعودية عدو في عصر أوباما، وبشار الأسد لا وجود له في مستقبل سورية، والحرب على الإرهاب يجب أن يضم كل من يقتل الأبرياء والمقصود الإرهاب الطائفي الذي يقوم به حزب الله والحرس الثوري الإيراني، هذا الموقف السعودي معلن قبل وصول الرئيس ترمب، فعندما يتخذ هذا الأخير موقفا يقترب من السياسة السعودية فمن العقل استثمار هذا الموقف بشكل عملي يعزز من الحضور السياسي السعودي في المنطقة، فالمملكة تشتغل على ملفات صعبة جدا وخطيرة وبإرادة ينقصها وجود حلفاء دوليين ملتزمين بتعهداتهم التاريخية، فسياسة أوباما تخلت عن الكثير من التزاماتها، وأعطت طهران الإذن بطريق غير مباشرة للتمدد في المنطقة، فعلى الرغم من هذا الخذلان الواضح بقيت المملكة على موقفها، وذهبت لأكثر من ذلك، فقد ضربت اليد الإيرانية في البحرين، وقطعت الذنب الإيراني في اليمن، وأعطت الرئيس الأميركي السابق ظهرها في مصر، وهذا موقف لا تستطيع أن تقوم به دولة سوى السعودية..

فمن يحاول أن يضع التميز الاقتصادي للمملكة فقط ويرجع له الدور في الاختيار ويسقط الجانب السياسي عليه أن يقرأ السياسة السعودية من جديد، فالاقتصاد ومساراته المالية لا تصنع سياسة إن لم يكن هناك دور سياسي يحترم، وقبول الدول العربية والإسلامية دعوة المملكة لعقد قمة في الرياض مع الرئيس ترمب لم يكن بسبب الاقتصاد، بل يعود في الغالب لأسباب سياسية، أسباب توجد في مضمون السياسة السعودية وليس في غيرها، فالمملكة تحمي مواقفها ليس بدبلوماسية فقط ولكن بقوة السلاح، ولذلك من الطبيعي أن تحتل الصفقات العسكرية أولوية في الاتفاقات، ونتمنى من إعلامنا ألا يتواضع أكثر من لازم للرد على الحاقدين.