أحمد الجميعـة

الزيارة الناجحة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المملكة أعطت مؤشرات في غاية الأهمية على عدة مستويات، أهمها تمتين العلاقة التاريخية والإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية، وثانياً العمل الخليجي الأميركي المشترك في مواجهة التحديات والمهددات الإقليمية وعلى رأسها إيران، وثالثاً التأكيد على الدور العربي والإسلامي في مكافحة التطرف والإرهاب.

قمم الرياض الثلاث ترجمت رؤية 2030 في أن تكون المملكة العمق العربي والإسلامي، وقوة استثمارية رائدة، حيث كانت الاجتماعات واللقاءات والفعاليات والاتفاقيات الموقعة شاهدة على حضور دبلوماسي سعودي غير مسبوق، يقابلها تعاون أميركي في العودة إلى الرياض كحليف يمثّل نقطة الارتكاز للتحرك في المنطقة، ويترجم ذلك التفاهم السعودي الأميركي في التعاطي مع القضايا والأزمات الإقليمية، وتحريرها من الفوضى إلى الاستقرار، ومن الخوف إلى الأمن، إلى جانب تعزيز فرص السلام مع الجانب الإسرائيلي على أساس المبادرة العربية.

الملك سلمان خلال الزيارة تحدث إلى الرئيس ترمب عن جانبين مهمين؛ العلاقات الإستراتيجية بين الرياض وواشنطن، واستقرار العالم والشرق الأوسط تحديداً، حيث تمثّل الرؤية السعودية مفتاحاً للتحرك السياسي في تسوية أزمات المنطقة، وتوحيد الجهود الدولية في مواجهة الإرهاب والدول الداعمة له، مع التأكيد على أن المملكة ستبقى على مواقفها الثابتة في التصدي للمشروع الإيراني ورفض تدخلاته في شؤون الدول العربية، وانتقال السلطة في سورية من دون بشار الأسد، والحفاظ على وحدة العراق واليمن وأمنهما الإقليمي كدولتين جارتين للمملكة.

الرئيس الأميركي أكثر تفهماً لمواقف الرياض السياسية، ويثق بجهودها في إحلال السلم، ومكافحة الإرهاب، ولديه قناعة أن إطالة أمد الصراع في المنطقة وتفويت فرص الحل السياسي لا يخدم مصالح أميركا على المدى البعيد، كما أن تجاهل إيران وتدخلاتها يضر بعلاقاتها مع حلفائها الاستراتيجيين، وبالتالي وصل الرئيس ترمب إلى الرياض للمشاركة في القمم الثلاث وهو يحمل مشروعاً للخلاص من الفوضى، وبناء مرحلة جديدة عنوانها لا تنمية ولا اقتصاد من دون مكافحة الإرهاب والتطرف، وهي معادلة تلخص الجهد الأميركي المقبل، وتعيد قوى الشر والظلام إلى حدود الإذعان أو المواجهة.

نجاح القمم الثلاث في هذا التوقيت، وبحضور رئيس أعظم دولة في العالم؛ يمنح المملكة حضوراً دولياً في صناعة القرار، ودوراً أكبر في ترجمة الأقوال إلى أفعال، وتحصيناً للمنطقة من أي تدخلات خارجية، ويضمن في كل التفاصيل استمرار التحالف السعودي الأميركي على رؤية مشتركة من صياغة المصالح، والاقتصادية منها تحديداً، والبدايات مبشرة في حجم الاستثمارات، وتعظيم المحتوى المحلي، بما يضمن استدامة العلاقة مع أكبر اقتصاد في العالم من جهة، وبناء الدولة السعودية الحديثة من جانب آخر.