يلاحظ الأميركيون أن جميع خطابات ترمب تقع تحت نمط ومنهج ـ نستطيع أن نطلق عليها طريقة كلام ـ مقننة برسائل موجهة، والتي من شأنها جذب وكسب ثقة الجمهور

تشرفت بحضور افتتاح القمة العربية الإسلامية في الرياض الأحد الماضي، التي حضرها ما لا يقل عن 55 قائدا من مختلف الدول العربية والإسلامية، وعدد من الشخصيات البارزة، فالحدث تاريخي، ويعد انتصارا يسجل للمملكة والعالم العربي والإسلامي نتيجة الاتفاقيات الفريدة من نوعها بين البلدين، التي كان من أهمها تدشين المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، واختيار الرياض مركزا له، حيث ستشهد العاصمة العديد من الاجتماعات الدورية التي لا تقل أهميتها عن أهمية القمة العربية الإسلامية الأميركية، وذلك لأن الإرهاب والتطرف آفتان دخيلتان على العالم بأسره، مما يجعل الدول تتسابق إلى المملكة لبحث سبل استئصالهما. ومما لاشك فيه أن يتعجب البعض وبشكل خاص العرب والمسلمون من التغيير الواضح في توجهات وتصريحات الرئيس الأميركي، التي طالما اتسمت بالعنصرية، والتي من وجهة نظري لم تكن إلا (بروباجاندا) للترويج لحملته الانتخابية، فالرئيس دونالد ترمب في نهاية المطاف رجل أعمال ومفاوض، ويعتمد دوما على عنصر المفاجأة، ومن الصعب التكهن بتصرفاته، ولكن ما يهم العالم العربي والإسلامي هو نتاج هذه القمة، والتي نستطيع وصفها بالإيجابية، حيث ستتغير نواح مختلفة بالنسبة إلى العديد من الفئات في المجتمع الأميركي، وعلى رأسهم سفراء الوطن المبتعثون، فبعد هذه القمة ننتظر من الولايات المتحدة أن تسهل إجراءات دخول طلابنا إلى أراضيها، واتخاذ إجراءات خاصة تجاه الإسلاموفوبيا، والحد من جرائم الكراهية المنتشرة في الأوساط المتشددة والمتطرفة هناك.
ويلاحظ الأميركيون أن جميع خطابات الرئيس الأميركي دونالد ترمب تقع تحت نمط ومنهج - نستطيع أن نطلق عليها طريقة كلام- مقننة برسائل موجهة، والتي من شأنها جذب وكسب ثقة الجمهور، ثم قلب جميع الحقائق المطروحة من قبل الخصم ضده، وذلك إما عن طريق توجيه سؤال غير متوقع له (خارج النص)، مما يجعل الشخص يرتبك ويضعه في موضع ضعف، أو بأن يشكك في صحة ما قيل بإشراك الجمهور مشاعره وشكوكه، ثم يتبع ذلك بتأكيد معنوي أو لفظي، والذي غالبا ما يكرره ثلاث مرات.
يعرف عن الرئيس ترمب أيضا ابتداء أغلب جمله بالضمير (أنا)، ولوحظ في خطاب ترمب الأخير الابتعاد عن طرقه المعتادة إلا بعضها، ولنأخذ بعض الأمثلة على ذلك من آخر خطاب له في القمة العربية الإسلامية الأميركية حين قال:
«I ask you to join me, to join together, to work together, and to fight together, because united we will not fail. We cannot fail. Nobody, absolutely nobody, can beat us.
Thank you. God bless you, God bless your countries, and God bless the United States of America. Thank you very much. Thank you»
الترجمة «أطلب منكم أن تنضموا إلي، الانضمام معاً، للعمل معاً، والقتال معاً – لأنه إذا اتحدنا، فلن نفشل. شكراً. حماكم الله وبارك في بلادكم. وبارك الله الولايات المتحدة الأميركية». 
يظهر من المقطع الأخير من الخطاب التكرار في أكثر من موضع منها تكرار كل من كلمتي الانضمام، ومعا، وذلك للتشديد على درجة أهمية هذا الجانب من زيارته للقمة وأهمية التعاون والعمل يدا بيد..
مثال آخر اتبعه في الخطاب، وهو استخدام المصطلحات المألوفة لدى المتلقي وهنا ـ السعودي.
«Our vision is one of peace, security, and prosperity in this region and all throughout the world. Our goal is a coalition of nations who share the aim of stamping out extremism and providing our children a hopeful future that does honor to god».
الترجمة «رؤيتنا هي رؤية تتمحور حول السلام والأمن والازدهار في هذه المنطقة، وفي العالم. وهدفنا هو تحالف الأمم التي تشترك في هدف القضاء على التطرف، وتزويد أطفالنا بمستقبل متفائل يحترم الرب».
يتضح من تقديم كلمة رؤية علمه بأنها أصبحت كلمة مألوفة في الآونة الأخيرة لدى الشعب السعودي، متجسدة برؤية 2030، وهذا يدل على اطلاعه على أهم مستجدات الدولة المستضيفة، كما قام بوصل كلمة رؤية بمعان إيجابية، كالأمن، والسلام، والازدهار، لأن هذه الكلمة لها ارتباط نفسي إيجابي لدى القيادة والشعب السعودي كافة، في المقابل جاءت كلمة هدف في سياق الحديث عن التطرف، والذي يعد مصطلحا سلبيا، مما كان سيخلف أثرا غير جيد لدى المتلقي في حال أخفق وقام بإبدال كلمة رؤية بهدف.
كما كان الطابع الديني حاضرا في الخطاب بذكر كلمة الرب مرارا ثم ذكر الحج.