خالد أحمد الطراح

حين فكرت في كتابة مقال عن العم الدكتور أحمد الخطيب أطال الله في عمره الذي نشر في2017/6/6 بعنوان «أحمد الخطيب.. المناضل والإنسان»، لم تكن فكرة سهلة، فقد استغرق المقال أسابيع بين تنقيح بعض المفردات وإعادة النظر في كثير من التفاصيل والتدقيق، أيضا في كل ما له صلة بالرمز الوطني أحمد الخطيب، علاوة على إبراز الجانب الإنساني لشخصية سياسية ذات تاريخ في النضال السياسي العربي والكويتي، أيضا إلى جانب تحديد فترة النشر المناسبة، وقد استقر القرار على أن يتم النشر خلال شهر رمضان المبارك، نظرا للإقبال المكثف في هذا الشهر على القراءة.
لا بد من المصارحة في تبيان الأسباب التي جعلت فكرة كتابة مقال عن قامة وطنية بحجم د. أحمد الخطيب ليست سهلة، فثمة محاذير سياسية وقانونية لا بد من أخذها بعين الاعتبار قبل الخوض في تفاصيل حياة مناضل وإنسان كالدكتور الخطيب، فالتاريخ الكويتي الحقيقي للدولة، سواء كان لشعراء وسياسيين واقتصاديين، للأسف الشديد لم يتم توثيقه بشكل دقيق وموضوعي ينصف على الأقل العديد من الشخصيات الكويتية التي لها بصمات في تاريخ دولة الدستور، ولم يتم أيضا السماح لدخول العديد من المؤلفات لشخصيات كويتية عبرت عن مواقفها بأسلوب توثيقي وتحليل لأحداث وتطورات تاريخية واقعية تشهد عليها شخصيات بيننا إلى اليوم وندعو لهم بطول العمر وموفور الصحة، وشخصيات أخرى توفاهم العلي القدير ولكن أعمالهم خالدة في ذاكرة المواطن وأركان مختلفة في البلاد!
ردود الفعل التي تلقيتها من نساء ورجال الكويت، بعضهم تجمعني بهم علاقة ومعرفة طيبة، والبعض الآخر شخصيات وطنية بادرت بالاتصال للتعبير عن أهمية توثيق تاريخ الكويت، وأعربت عن شكرها على سطور عن تاريخ د. الخطيب وآخرين أيضا، لم يوثق كما هو خصوصا المؤلفات والمذكرات المشتتة في بلدان عربية وأجنبية لم تحتضنها زوايا البيت الكويتي إلى اليوم!
بنفس القدر الذي أخجلني وغمرني فيه من اتصل مؤيدا للمقال، شعرت بأن كلمات التضامن مع ما تناولته فجّرت مواجع من الحسرة والألم على تاريخ تعرفه الأغلبية الكبيرة من أهل الكويت، لكنه لا يزال حبيسا لاهواء فردية حريصة على اجتزاء التاريخ وكأننا أمام تاريخ مخجل للشعب الكويتي، سواء من جهة مع من يتفق مع ما شهدته الكويت من تطورات، أو من يختلف معها، وربما ما زال يحمل موقفا شخصاني المضمون من تطورات تاريخية تعرفها شوارع وساحات الكويت إلى اليوم كما هي محفورة في وجدان كل مواطن كويتي.
قناعتي اليوم أكبر من قبل عشرات المرات بأن توثيق تاريخ الدولة مسؤولية وطنية أتمنى أن تتبناها صحيفة القبس ممثلة في ملاكها والأخ العزيز وليد النصف رئيس التحرير، أيضا بالتعاون مع مؤسسات المجتمع، من خلال تشكيل لجنة مشتركة لتحديد آلية العمل ومتطلبات التوثيق وتقديم المقترح رسميا إلى سمو رئيس الوزراء ليصبح تاريخ الدولة تحت بصر الجميع، وليختلف معه من يشاء، وبقدر ما يرى، وتفنيد أحداثه، بينما الحكم النهائي سيكون لوجدان الإنسان الكويتي الذي يملك الحق في معرفة وقراءة تاريخ تطورات نشأة الدولة وتقرير مدى صحته!
معرفتنا وتمسكنا بتاريخ العقد السياسي بين الشعب وأسرة الحكم من آل الصباح الكرام لن يتغيرا حتى لو تم توثيق تاريخ وطن الدستور، بل إن التوثيق سيعمّق التلاحم الشعبي، خصوصا بين شريحة الشباب في معرفة التاريخ من دون تشويه أو اجتزاء!
إن التوثيق المنشود ليس الهدف منه تحديا لأي إرادة أو قرار، فالهدف توثيق دقيق وشامل لتاريخ الكويت لا أكثر، تمهيدا لتكريم المستحقين في بناء وتطور الدولة سواء من الأحياء أو من توفاهم الله.