عبدالله بن عبدالمحسن الفرج

هناك توقعات بأن الاقتصاد العالمي سوف يشهد في عام 2018 أزمة اقتصادية تتعدى أزمة 2008. ولذلك سوف أحاول في هذه السطور القليلة تسليط الضوء على الأسباب التي تدفع المحللين لمثل تلك التوقعات. وفي البداية لا بد من التأكيد على أن الأزمة ليس بالضرورة أن تحدث في العام القادم ولكنها آتية خلال الفترة القريبة القادمة. فهناك العديد من الدلالات التي تشير إلى ذلك.

إن محللي الأسواق المالية العالمية يلاحظون أن هناك ما يدعو للقلق. فمؤشر الذعر قد انخفض إلى مستويات متدنية لم يصلها منذ ما يقارب 15 عاماً. ومعروفة قصة روكفلر الذي سيل محفظته عندما علم أن ماسح الأحذية يتاجر مثله في الأسهم. الأمر الآخر هو ارتفاع حجم الأموال التي يقدمها الوسطاء والسماسرة في إجمالي الاستثمارات في سوق الأسهم إلى مستويات غير مسبوقة. وهذا كله أدى إلى تضخم الاقتصاد الوهمي إلى درجة أصبح معها أكبر من الاقتصاد الحقيقي بكثير؛ مما ينذر بقرب انفجار الفقاعة.

الأمر الآخر هو ارتفاع الديون التي على الدول بشكل كبير. فإذا أخذنا النسبة التي حددتها اتفاقية ماستريخت وهي 60% من الناتج المحلي الإجمالي كمعيار، فإننا نلاحظ تخطي العديد من البلدان الصناعية لهذه العتبة. فعلى سبيل المثال وصل هذا المؤشر في الصين إلى 253% وفي الولايات المتحدة بدأ يتعدى 100% وفي اليابان 211%. فعدم التزام هذه المراكز الاقتصادية الضخمة بالأسس الاقتصادية السليمة مؤشر على عدم الاستقرار الاقتصادي فيها. وهذا لا يمكن أن يدوم طويلًا.

وهكذا، فإذا جمعنا ما يجري في أسواق الأسهم وما يحدث في الاقتصاد الكلي فإننا نخرج بنتيجة مفادها أ ن الاقتصاد العالمي يعيش مرحلة انتقالية. وهذا يشهد عليه تصريح المدير التنفيذي لشركة مرسيدس بنز الذي يرى أن منافسي شركته هم "تيسلا" وغوغل وأبل وأمازون، وليست بقية شركات السيارات. فالبرمجيات ستوقف معظم الصناعات التقليدية خلال السنوات القليلة القادمة. وطلائعها شركة أوبر التي تعتبر أكبر شركة سيارات أجرة في العالم وهي لا تملك سيارة واحدة، وشركة "آير بي إن بي" العقارية باعتبارها أكبر شركة فنادق بالعالم ولكنها لا تملك أي عقار.

إذًا فإن الثورة الصناعية الرابعة القادمة سوف تكنس الاقتصاد العالمي. وأداتها المجربة سوف تكون الأزمة. فهذه الأزمة سوف تعيد خلط الأوراق. فالبلدان التي تستمد قوتها من الاقتصاد القائم في الوقت الراهن ربما لا تحتفظ بنفس الموقع بعد انتهاء الأزمة. وقد تكون الصين على رأس المتضررين.

ولذلك فلا بد أن نطرح على أنفسنا سؤالاً حول استعداداتنا للأزمة القادمة.