سمير عطا الله

لا أعتقد أن الحالة الراهنة المسماة «أزمة قطر» سوف تنتهي. والسبب أنها لا يمكن أن تنتهي ما لم تقرر قطر ماذا تريد. وقطر السياسية تريد كل الأشياء ونقائضها في وقت واحد.
ولم يحدث أن دولة في حجم قطر تجمع كل هذه الجيوش الأجنبية على أرضها. فقط ألمانيا سبقتها إلى ذلك، وبعد حرب عالمية. ولا سبق أن كانت دولة واحدة على عداء مع مجموعة بعدد هذه الدول في وقت واحد: السعودية. مصر. العراق. سوريا. ليبيا. البحرين. أميركا.
ولا سبق أن مجموعة من الدول شكت من تدخلات دولة في حجم قطر، فكان أن قامت قطر بجولة حول العالم تشكو كل من يحاول أن يتذمر.
ولم يحدث أن قال مشكو منه «أعطوني البراهين» لأنه يعرف أن أول ما يحرص عليه الفاعل هو إخفاء البراهين والتظاهر بالبراءة. كل من قرأ أغاثا كريستي طفلاً أو شرلوك هولمز، حفظ القاعدة: ابدأ بإزالة الأثر.
ولكن إذا كان «الفعل» نفسه في حاجة إلى أدلة، فالسياسات القطرية لم تخف نفسها، ولا حاولت أن تخفف من طابعها العدائي أو صخبها. عقود وقطر تعامل البحرين بابتذال. وسنوات وهي تعامل السعودية مثل عدو. ومنذ سقوط الرئيس المصري محمد مرسي، وقطر تعامل مصر كأنها حارة من حاراتها أعلنت عليها التمرد: إما أن يكون الحكم المصري رهن إشارتها، وإما فلتتحمل أبواب الجحيم الإعلامي المفتوح.
صحيح أن بعض الأصوات في الإعلام المصري أخطأت في حق قطر، كما أخطأت في حق الآداب والأخلاق المصرية. لكن هذه السخافات تؤذي أصحابها. أما الحملات اليومية القطرية، في الأمن والسياسة والاقتصاد، فتشكل، بكل بساطة، عملاً حربياً ضد مصر. وتشكل، بكل وضوح، تهديداً سافراً لسلامتها، وترويجاً أو تبريراً للمؤامرة التي تتعرض لها في الداخل.
نحب أن نسأل الدوحة، ماذا ستكون استفادتها إذا تحقق لها خراب مصر، وإذا تحقق تفكك مجلس التعاون، وماذا يغير في وضعها أن تتزعم جميع حروب المنطقة؟ شيء من التعقل يفيد الجميع. يكفي الذي حصل حتى الآن... في كل مكان.