فيما توشك القوات العراقية على الانتهاء من معركة الموصل، بعدما استعادت حيين في المدينة القديمة من «داعش»، تستعد قوى سياسية سنّية للاتفاق على مرحلة ما بعد التنظيم، وتُحضّر لعقد مؤتمر في بغداد يكون بمثابة هيئة تأسيسية تختار «لجنة مقبولة من الجميع» لقيادة المرحلة المقبلة، لكن دون عقد المؤتمر عقبات كثيرة.

وقال مصدر سياسي شيعي لـ «الحياة» أن المؤتمر «لن يعقد، ولن يتمكن شيعة الحكومة المعتدلون، يتقدمهم رئيس الوزراء حيدر العبادي، من المساعدة في إيجاد قيادة سنّية تتولى أمور مناطقها».

وأوضح أن: «مرحلة ما بعد 2003 كانت تركز على تعاون الشيعة والأكراد لمنع السنّة من اختيار قيادة تخلف «حزب البعث». وتحقق ذلك، إلا أن نتائجه كانت وخيمة على العراق، وبدل بروز قيادة جديدة ظهرت طبقة سياسية سنّية منقطعة عن مجتمعها، وتخضع لإرادات إقليمية ودولية متضاربة.

وعلى رغم إعلان رئيس البرلمان سليم الجبوري أول من أمس، أن المؤتمر المزمع عقده في بغداد هدفه «وحدة الصف والتعاضد ومواجهة الأزمات بروح التكاتف، وإحباط مساعي إثارة الفتن والنعرات لإبقاء الحال كما هي عليه»، إلا أن المؤشرات تؤكد صعوبة عقده في بغداد، وهناك توجه لعقده على مرحلتين الأولى في بغداد والثانية في أربيل، لضمان مشاركة الشخصيات السنّية الرئيسية الملاحقة قضائياً، مثل خميس الخنجر ورافع العيساوي وطارق الهاشمي وأثيل النجيفي، إضافة إلى شخصيات بعثية وعشائرية ترفض المجيء إلى العاصمة.

ولا تشكل الأحكام والمذكرات القضائية عائقاً أمام هدف الجبوري ورعايته المؤتمر وضمان موقع شخصي له في القيادة السنّية الكبرى لمرحلة ما بعد «داعش» فحسب، بل إنها تمثل معضلة للعبادي الذي لا يمكنه إيجاد حل لمشاركة تلك الشخصيات، فيما اتهم خصومه الشيعة سلسلة مؤتمرات نظمتها قيادات سنّية في عمان وأنقرة والدوحة وبروكسيل وجنيف بأنها «تمثل أجندات إقليمية ودولية» وضغطت لاستصدار قرار برلماني يمنع عقد هذه المؤتمرات أو مشاركة الحكومة فيها، ويصرون في الوقت ذاته على منع الشخصيات المطلوبة قضائياً من المشاركة في مؤتمر داخل العراق.

وعدم مشاركة حكومة العبادي في مؤتمرات القوى السنّية في الخارج، تضعف قدرة حكومته على إدارة ملف المناطق المستعادة من «داعش»، وسط ضغوط أميركية وإقليمية متواصلة لإيجاد وضع خاص للقوى السنّية لإدارة مناطقها لا تضطرها إلى طلب تشكيل إقليم أو الانفصال.

وسبق للجبوري أن أعلن أن مؤتمراً للقوى السنّية سيعقد في بغداد منتصف الشهر المقبل للتفاهم على حلول حقيقية لأزمات البلاد، مؤكداً مشاركة المعارضة فيه استعداداً لدخولها العملية السياسية، وكان هذا الإعلان كفيلاً بإثارة حفيظة القوى الرئيسية في «الحشد الشعبي» الأكثر قرباً من إيران.