عادل الحميدان

لا يمكن قراءة تصريحات أي مبعوث للأمم المتحدة والخطابات الصادرة عن منظماتها بعيداً عن المنطقة الرمادية التي تراوح فيها الهيئة الدولية منذ تأسيسها، الأمر الذي تسبب في اكتفاء الجماعات السياسية والمسلحة الخارجة على القانون الدولي بمشاهدة هذه الخطابات والبيانات كجزء مكمل لأي نشرة أخبار أو عنوان ثانوي على صفحات الجرائد.

تحذيرات.. قلق.. إدانة.. وربما إشادة هي الديباجة الموحدة للبيانات والتصريحات الصحافية الصادرة عن مبعوثي المنظمة الأكبر والأهم -اسماً فقط- على الصعيد العالمي، في حين يكفي استغلال دولة كبرى واحدة لامتياز (الفيتو) لإجهاض مصالح ورغبات 193 دولة علقت آمالها على قرار لمجلس الأمن ينهي معاناة شعب أو يقضي على ديكتاتور لم يكتفِ بقتل مواطنيه فحسب بل هدد الأمن والسلم الدوليين.

فرض الإرادة الدولية أصبح هو الآخر مجالاً للأخذ والرد وفي أحيان كثيرة المساومة السياسية، وهذا ما نراه في ملفات معلقة منذ العام 1948 وحتى يومناً هذا تأتي في مقدمتها القضية الفلسطينية بكل فصولها وآلامها تبعتها ملفات معلقة أخرى كان للعرب نصيب الأسد منها، فمصطلح "ميثاق الأمم المتحدة" يبرز حينما لا يكون للعرب ذكر في الجانب المستفيد من نص أي قرار دولي بينما نراه يتوارى في القرارات التي تنهي معاناة شعب عربي أو تغلق ملف قضية استنزفت العرب بشرياً واقتصادياً وحولتهم إلى لاجئين ونازحين بعيداً عن ديارهم.

بالأمس القريب تحدث المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ عن معاناة الشعب اليمني وخاصة فيما يتعلق بالغذاء والصحة، وأسهب في الحديث عن الكوليرا، مشيداً بما قدمته المملكة من مساعدات لاحتواء الوباء إضافة إلى الأوضاع المتأزمة التي يعيشها المواطن اليمني، لكن ما يجعل خطاب ولد الشيخ مبتوراً هو إغفاله الحديث عن أساس المعاناة وهي جرائم الحوثي وحليفه المخلوع في حق الشعب اليمني وخروقاتهم المتواصلة للقانون الدولي وما يتفرع منه من قوانين تتعلق بالإنسان.

تجاهل السبب يعني بقاء الحلول خارج إطار البحث وبالتالي التنفيذ، وهو ما يعني استمرار الأزمة التي يعرف المتسبب فيها جميع مبعوثي الأمم المتحدة ومجلس الأمن بأعضائه الدائمين أو المتفرجين مع إدراكهم أن التسوية الشاملة لها تنطلق من قرار مجلس الأمن 2216، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، ومُقررات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وهو ما تدعو إليه الحكومة الشرعية في اليمن وتقاتل مدعومة بتحالف عربي لإقراره.

كل ذلك يأتي في وقت يرقص الانقلابيون فيه بخيلاء على جثث ضحاياهم من أبناء الشعب اليمني ويتاجرون بمعاناته دعماً لمشروعهم التخريبي، واجتزاء ما يريدون تصديره من بيانات أممية وتوظيفه لضمان استمرار الأزمة، وبالتالي بقاؤهم فترة أطول على المسرح السياسي والإعلامي الغارق بدماء اليمنيين.