محمد الرشيدي

الحراك الفني والثقافي الذي تعيشه بلادنا حالياً، هو انعكاس لمرحلة زمنية مختلفة ومتجددة، كعادة الأمم والشعوب التي تتطور للمستقبل ولا تركن لماضٍ معين، عادت الحفلات الغنائية وبدون ضجة أو سلبيات ونجحت وكانت من مصادر الفرح والسعادة لجمهور يعشق الفرح والبهجة، وعادت تدريجياً السينما في جدة والسبت الماضي بالرياض، وبهدوء أيضاً، وتوهج ثقافياً وفنياً سوق عكاظ فكان مشعلاً ثقافياً يشع زهوا بالماضي الشامخ والمستقبل المرتكن على قيم إنسانية وثقافية لشعب هـذه الأرض.

على الجانب الآخر نجد أن مرتزقة الإعلام حولنا يحاولون العبث وتشويه الصورة للحياة الجديدة بالسعودية، فيتم استغلال أي حدث أو قرار لعكسه إيجابياً حسب توجهاتهم التي استطاعوا أن يستغلوها منذ أكثر من ثلاثين عاماً مضت، وما حدث من تعليقات واستغلال للإيقاف المؤقت لحفلات صيف أبها دليل واضح ومكشوف، ولكن الشفافية الإعلامية التي سارعت للتوضيح، كانت خير طريق لإيقاف هذا الاستغلال، فمن الطرائف التي كان يرددها بعض هؤلاء على سبيل المثال، أن حفلات صيف أبها كانت السبب الحقيقي لإيقاف المطر عن المنطقة، وكأنهم أعلم بالغيب، فيتم استغلال بعض الظواهر والغيبيات في التلاعب بمشاعر العامة، فيزيدون المجتمع تأليباً وكراهية أحياناً.

في جدة وبتقرير تلفزيوني عن عودة سينما الأطفال، كان الصغار يتحدثون بالتقرير عن فرحهم بالسينما، ووصل أنهم رغم صغر سنهم يرددون أننا لن نسافر كما كنا من أجل مشاهدة السينما، المثير والذي يعرفه الكثيرون أن من يحاربون ثقافة الفرح بمجتمعنا، هم أكثر المستفيدين منه وخصوصاً خارج المملكة، وعندما تواجههم يكون الجواب أن للسعودية خصوصية، فكانت هذه الخصوصية معطلة لظهورنا ولتنميتنا الإنسانية، فما هو الحدث السلبي الذي نتج مثلاً عن الحفلات التي عُملت والعروض السينمائية التي تمت، وأين المجموعات التي كانت ضد الفرح وتحاول العبث، الأمر ببساطة أننا أمام مرحلة مهمة، تدعمها الرؤية التي أطلقها ولي العهد -حفظه الله-، فلم تكن هذه الرؤية سياسية أو اقتصادية فقط، وإنما هي إنسانية بالمقام الأول.

الحراك الاجتماعي الذي نعيشه، انعكس على ثقافة المجتمع، فلم يعد لكارهي الفرح الفرص التي كانوا يعيشون بها على المجتمع، ولم يعد للهجوم الإعلامي المدسوس على بلادنا أي تأثير، حتى أنه ورغم أهمية على سبيل المثال المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة القطرية، إلا أن هناك الكثيرين يعتبرون أن سقوطها المهني الفادح وعدم تأثيرها وبقائها مهترئة، أفضل من إعطائها أهمية بإغلاقها، وهذا مثال بسيط على انعكاس الحياة الجديدة في السعودية على الرأي العام، وسنرى بالمستقبل القريب ثقافة اجتماعية متجددة مع عودة السينما ورفع الذائقة الثقافية والفنية، بعد أن وصلنا لمرحلة متدنية من الشيلات مثلاً خاصة المرتبطة بتأجيج العنصرية والمستوى الكلامي المتدني، بعد أن كنا نصدر للعالم أحاسيسنا المتمثلة بـ"أبعاد" و"مقادير" وغيرها الكثير، وما يحدث من جمهور الحفلات الغنائية لدينا، بغناء الجمهور أكثر من المطرب إلا دليل على ذائقة عالية لهذا المجتمع المتجدد بالفعل.