خالد أحمد الطراح

في الأعوام السابقة كتبت أكثر من مرة عن ظاهرة تدهور التعليم وتراجع مستوياته، سواء بحسب مؤشرات منظمات دولية أو حتى قرارات وسياسات محلية، خصوصاً سنتين معروفتين بـ«الشقلبة» التربوية. فقد شهدت وزارة التربية والتعليم العالي قرارات غير مهنية لعلها نتيجة خوف من بيده القرار الوزاري قبل سياسة التعليم!
عامان من التردد لم يسلم منها أحد، لكنها كانت مسلية، ومن سخرية الزمن أن مربياً فاضلاً كالعم الأستاذ محمد السداح مالك ومؤسس مدرسة الكويت الإنكليزية، يقال عن مدرسته «مدرسة ما تستاهل»؛ بسبب طلب العم السداح طلباً بتخصيص أرض فضاء للتوسع في مساحة المدرسة تماشياً مع أهدافها التعليمية المبتكرة المخصصة للطلبة البطيئي التعلم وذوي احتياجات ورعاية تعليمية خاصة، بينما «شركة برأسمال لا يتجاوز 3 آلاف دينار» يجري تخصيص مدرسة لها من مدارس الحكومة بناء على «توجيهات عليا» على حد تعبير الوزير السابق.
في أواخر 2016 كتبت مقالاً عن تجارة التعليم، مستعرضاً الجوانب التجارية التي تتربح منها مراكز التصوير والطباعة المنتشرة في البلد وتحولت اليوم إلى مراكز تجارية، بعد أن دشنت منبعًا للربحية من خلال نسخ مذكرات «شرح وتبسيط» لمعلمين وأيضاً مدارس حكومية وأعضاء هيئة تعليمية تابعة لمدارس التربية التي يُفترض أن تقدم تعليماً بالمجان!
الأمر مر في تلك الفترة من دون تعليق رسمي أو تحقيق، سواء من وزارتي التربية بالدرجة الأولى والتجارة والصناعة (حماية المستهلك) ثانياً، فالموضوع بالنسبة إلى الوزارتين ربما لا يستحق التقصي، خصوصاً أن «باب النجار مخلع»، فلا رقابة تربوية ولا تجارية!
اهتمامي بظاهرة تجارة التعليم، قادني إلى مشاهدة كراسات من الكتب والتقارير مكدسة على أرض مكتبات الجمعيات التعاونية، واشتريت مضطرًا للتصفح على «مذكرات التفوق والتميز للطالب المتميز لمادة اللغة العربية للصف التاسع» من دون أن تحمل ترخيصاً تجارياً أو الجهة المصدرة باستثناء أرقام هاتفية بقيمة 3 دنانير!
أمّا المذكرة الأخرى بقيمة 4 دنانير فقد كانت من حظ مذكرة لطلبة الأول الابتدائي لمادة التربية الإسلامية بعنوان «المرشد الشامل في القرآن الكريم والتربية الإسلامية واللغة العربية»، إلى جانب مذكرات أخرى باللغة الإنكليزية في العلوم والفيزياء والرياضيات والاجتماعيات «وحقوق الإنتاج لشركة تجارة عامة»!
ما يعني أن شركات التجارة العامة يسمح لها بالاستيراد والتصدير وتجارة الخضار وكراسات مدرسية في آن واحد!
وزارة التربية أصدرت أخيراً قراراً بفصل ومعاقبة أي مدرس يمنح دروساً خصوصية، وهو قرار سليم، لكن ماذا عن مدرسين ومدارس تتاجر في «مذكرات شرح وتبسيط»؟
هل وزارتا التربية والتجارة على علم بهذا النشاط التجاري؟ وهل هناك موافقة رسمية؟ مع العلم أن مثل هذه المواد لا تحمل رخصاً تجارية، ما يعني أنها مزاولة لنشاط غير قانوني!
نتمى من الأخوين د. محمد الفارس وزير التربية والتعليم العالي وخالد الروضان وزير التجارة وزير الشباب بالوكالة التحقيق والبت في مدى قانونية انتشار ظاهرة الربحية من مذكرات مصدرها الأساسي كتب مدرسية مجانية والتنسيق المشترك في وقف انتشار هذه الأنشطة إذا كانت غير مرخصة وتتعارض مع السياسة التربوية وقانون التجارة.