إسحاق يعقوب الشيخ

... فالنصوص الفكرية الاسلامية بشكل عام مهما قلبتها يسارا ويمينا تجدها مناهضة للحداثة والحداثيين نساء ورجالا وأرى انه من المستحيل بمكان تفعيل نصوص الحداثة في الفكر الاسلامي وتفعيل الاسلام في نصوص الحداثة (!)

فالامر يرتبط بالاسلام وليس بالحداثة، فالحداثة بطبيعتها تفرد موضوعيتها المادية والفكرية ارتباطا بعجلة التطور في التاريخ خلافا للفكر الاسلامي الذي ينطوي على مدلولات لها تجلياتها الروحية الغيبية، وفي ذلك ما هو من المستحيل في تشكيل شيء من نصوص الحداثة في شيء تلك الخصوص.

وتأخذ بنا الكاتبة (رينا فرج) في جريدة الحياة قائلة: «ينشغل الكاتب السوري هاشم صالح في هم معرفي قوامه تبني مشروع التنوير الديني والفلسفي لاخراج الاسلام من الماضي التراثي واخذه بمبادئ الحداثة كما حدث في اوروبا، ويعد صالح الذي نقل الى العربية مؤلفات المفكر الجزائري محمد اركون من ابرز الكتاب العرب الذين عاينوا المعضلة التراثية فوضع خلاصات عامة رأى أنها قادرة على ارساء المصلحة المطلوبة والملحة بين الاسلام والحداثة من اجل تجاوز الانسداد التاريخي الذي يقف حائلا دون مواكبة المسلمين للامم المتقدمة والقفز على عبء الماضي التراثي لبناء المستقبل في العرب والبراكين التراثية، هل من سبيل الى اسلام الانوار. ويحاول هاشم صالح محاصرة المشكلة التراثية من مختلف جوانبها ساعيا الى تفكيك الانغلاقات اللاهوتية ومطالبا بالقطيعة الابيستمولوجية مع العديد من الثوابت الفقهية او الدينية التي تكبل حركة الاسلام وتطوره والهدف من وراء ذلك الفهم العقلاني للدين الاسلامي.

ويأتي السؤال منسجما مع نفسه وفي نفسه: أيمكن زحزحة الاسلام من مواقعه العميقة من خلال«مخالب» الحداثة التنويرية.

واحسب أنه من المشقة بمكان اذا لم يكن من الاستحالة تنوير الاسلام وتحديثه بالحداثة فالحداثة لها أمدية (من مدى) تتجاوز الاسلام وتأتي على مجاهدة رفضه وارى ان فصل الدين ومقدساته عن السياسة والانشطة الاجتماعية والفكرية هو الطريق الوحيد الذي يدع الحداثة في شؤونها والاسلام ومعتقداته في شؤونه دون اشكالية معقدة، وقد تكون مستحيلة في تجيير الاسلام وشؤونه ومعقداته في الحداثة وتجيير الحداثة في شؤونها ومعتقداتها في الاسلام. لنفصل الحداثة عن الاسلام ونفصل الاسلام عن الحداثة: ذلك في فصل الاسلام عن السياسة وفصل السياسة عن الاسلام وكان الله غفورا رحيما (!) الا ان الكاتب السوري هاشم صالح: يرى ضرورة النقد الفلسفي العميق لمفهوم الحقيقة التراثية المقدسة في الاسلام كما فعل فلاسفة الغرب مع المسيحية، وذلك تحت ضغط الحداثة العلمية والفلسفية، فالمفهوم السائد للاسلام حاليا لا يزال يعتقد بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة وحده من بين سائر الاديان ولا يزال يعتقد انه هو وحده الدين الصحيح وبقية الأديان ضلال في ضلال (!) وذلك أحسبه عند كل الديانات وليس عند الاسلام وحده من واقع أن كل دين يرى انه الدين الصحيح، والآخرون دياناتهم باطلة (!) وكان فلاسفة الغرب كما هو معروف حققوا مناهج الحداثة والتحديث ليس بمنهجية التنوير وحدها وانما بمنهجية فصل الدين عن السياسة والسياسة عن الدين، ذلك ما كان حاسما ومجدا في الخروج والى الأبد من مخازي العصور الوسطى وتأسيس أسس الحضارة المدنية الحديثة، فالحسم ليس في المناهج التنويرية وحدها بقدر ما هو في فصل الدين – وبراديكالية القانون – عن السياسة وفصل السياسة عن الدين (!)