إقبال الأحمد 

لاحظت كمتابعة عادية لكل ما يكتب بخصوص أزمة مجلس التعاون الأخيرة.. أن صحيفة الشرق الأوسط، التي أعتز بها وبكل كتابها، بدأت ومن خلال أقلام رئيسية، لها مقامها وقامتها، لأنها حين تكتب فهي تعرف ما تقول ولماذا..

لاحظت أن هناك موقفا يبدو جديدا إزاء بعض الأصوات التي تخرج باسم الكويت، فيتراءى للقراء أنها موجهة لنا ككويتيين، وهو ما لم نعهده منها من قبل، رغم أن ما يكتب ردا على أصوات شاذة تنطلق من الكويت، ولا تمثل إلا نفسها بعيدا عن أصحاب العلاقة. وبسبب الموقف الحيادي الذي تنتهجه الكويت منذ اندلاع الأزمة بين قطر والدول الأربع، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، حرصاً منها على إبقاء خيوط الأخوة بين تلك الدول قائمة ومنع تقطعها بكل السبل المتاحة والممكنة، فقد خرجت هذه الأصوات المعادية للكويت قبل أن تعادي المملكة لتشذ عن الموقف الرسمي للدولة.
وآلمني جدا كمواطنة كويتية أولا وأخيرا، أن يسمى هذا الحياد من قبل بعض الكتاب بـ«الحياد السلبي»، وإن لم يذكروا الكويت بالاسم.
كما آلمني أيضا، وبشدة، أن يكتب الأستاذ عبدالرحمن الراشد الذي اعتبره شخصيا ناطقا باسم الصحيفة وتوجهها، كلمات فيها تذكير لنا ككويتيين، وإن كان يقصد على ما يبدو تلك الشرذمة التي تؤيد المخطئ بدور المملكة السعودية الرائد في تحرير الكويت من الغزو العراقي، وحرب التحرير من ذلك الاحتلال.
لا أملك أيها الزميل عبدالرحمن الراشد إلا أن أؤكد كل ما تفضلت فيه في مقالك الأخير عن دور المملكة وملكها العظيم الملك فهد، رحمه الله، في تحرير الكويت، وهو قليل من كثير، وأزيد عليه بالتذكير والرجوع، بدءا من أول خطاب ألقاه أميرنا الراحل جابر الأحمد بعد التحرير مباشرة، مرورا بكل البرامج واللقاءات والحوارات والتصريحات التي يأتي الحديث فيها عن موضوع تحرير الكويت من احتلال العراق، إن كان ذلك على لسان شيخ أو وزير أو مسؤول أو صحافي أو إعلامي أو مواطن كويتي، غني أو فقير ..لسمعت ما يفوق ما تفضلت به أستاذ الراشد.
نحن في الكويت لا نحتاج الى التذكير بدور المملكة العظيم في تحريرنا، ولا نحتاج أيضا إلى استنهاض ذاكرتنا.
تعرف لماذا أستاذنا؟.. لأننا شعب سلب منه وطنه بليلة وضحاها، وشرد شعبه كله، ونهبت أرضه، وحرقت آبار نفطه، ولوثت بيئته في أفظع كارثة بيئية، لم يشهدها التاريخ كله.. وكان للمملكة والدول العربية والعالمية الأخرى فضل في عودته لوطنه.
نعم، الكل ساهم وساعد مشكورا، ولكن دور السعودية كان غير، نعم كان غير.. ونعترف بذلك، ونقول ذلك باليوم بدل المرة ألف مرة.
ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن التذكير بهذا الدور من حين لآخر من قبل البعض يؤلمنا، لأن ما حدث قبل 27 عاما، قد يكون حبا بالكويت، ولكن ذلك ليس كل شيء، لأن جزءا كبيرا منه هو درء لأخطار أوسع وأصعب كانت يمكن أن تقع آنذاك، لو ترك الاحتلال العراقي وأطماع صدام ومخططاته دون وضع حد لها.
نحن استاذ عبدالرحمن الراشد بالكويت، قيادة وشعبا، نقولها قبل أن يقولها الآخرون، وبدل أن تكتب في الصحف في المناسبات والأزمات، نحن نقولها ونرددها كل يوم،
ونحن سعداء وفخورون.. شكرا للمملكة وكل من ساعد بتحريرنا.
وإن ما يكتب هنا أو هناك من أقلام أزعجتكم، فقد أزعجتنا قبلكم، وهذه الأصوات الناشز الناكرة، ما هي إلا اصوات تعرف أن محاربتكم لانتماءاتها وتحزباتها وتكتلاتها هي الموجعة لها، ولكنها لا تملك أن تقولها مباشرة، لأنها أجبن من ذلك بكثير، فتترجم ذلك إلى تأييد ودفاع عمن تعارضونه.
تأكدوا استاذ الراشد أن هذه الأصوات تزعجنا مثلكم، وما هي إلا آراء شخصية، وجدت مما ترفضونه أنتم قضية يمكن أن تحقق لها شيئا بأي شكل من الأشكال.
شكرا، ومن القلب، باسمي واسم كل أهل الكويت لدور السعودية في تحرير بلادنا..
سيدي الفاضل عبدالرحمن الراشد، عبارة «لن ننساكم» حملها أميرنا الراحل بطائرته وجاب بها العالم ليتحدث عن أسرانا بالعراق، وهي أيضا تعني أننا لن ننسى فضل كل من ساهم في تحريرنا.. والمملكة على رأس القائمة، ورغم أنف من أنكر وينكر ذلك.