سمير عطا الله 

كان فالنتان لوي جورج أوجين مارسيل بروست، المعروف اختصاراً، مارسيل بروست، أحد عمالقة الأدب الفرنسي (1871 – 1922)، وقد ذاعت شهرته حول العالم، خصوصاً بسبب روايته «بحثاً عن الوقت الضائع»، المؤلفة من سبعة أجزاء.
وضع تلك الأجزاء الرائعة في غرفة واحدة لا يخرج منها إلا نادراً بسبب معاناة من حالة شديدة من مرض الربو. وكانت نوافذ الغرفة مغلقة على الدوام، ومغطاة بالستائر. فأي تسرب من الخارج لرائحة الزهر، يشعل في رئتي العبقري الفرنسي اختناقاً يضعه على حافة الموت.
يروي عبقري فرنسا الآخر جان كوكتو، في سلسلة من أحاديثه إلى الإذاعة الفرنسية العام 1951، أنه كان على كل زائر من أصدقاء بروست، أن يخضع لاستجواب من والدته قبل الدخول إلى مكتبه: هل لمس زهرة منذ وقت قريب؟ هل صافح أحداً كان قد لامس زهرة منذ وقت قريب؟ وإذا كان قد فعل، فلا مجال لمقابلة بروست ذلك اليوم.
بعد وفاة بروست بقليل، بدأت فرنسا الأدبية والثقافية الاحتفاء بإرثه الجميل، بجميع الوسائل: الكتب، الصحف، الإذاعات، المهرجانات، المحاضرات، البرامج والمناهج التربوية، والمسرح. وقد اختار المخرج «مالابارته» أن يظهر الممثل الذي يقوم بدور بروست، طوال المسرحية، وهو يحمل في يده زهرة! كان ذلك كافياً لأن تعاود أزمة الربو، صاحب «الوقت الضائع» وهو في الردى!
وكان كوكتو واحداً من سلسلة طويلة من كبار كتّاب فرنسا الذين سافروا إلى مصر، مسحورين بآثارها وتاريخها. وعندما قام بجولة بين معالمها العام 1949، عاد بجعبة أدبية ضخمة، إلا أنه عاد أيضاً بمجموعة ملاحظات ساحرة سماها «معليش».
وقد أثار ذلك حفيظة مصر الرسمية. ويروي هو أن رئيس الديوان الملكي قال للملك فاروق إن هذا الفرنسي قد أهرق ببضع وريقات 20 مليون جنيه. ويقصد مجموع دخل مصر السياحي في عام. والآن يتولى قتل المواسم «جدعان» يغتالون السياح الألمان. ولا أدري لماذا هذا «التخصص» بالألمان المساكين. فقد كان أشهر هجوم سياحي قبل عقدين عندما بُقرت بطون سائحات ألمانيات متقدمات في السن، وبعدها، تناوب أصحاب الأفئدة الطرية والعقول الكبرى على اغتصابهن. ولم يكن الهدف قتل الموسم السياحي، بل قتل الدولة المصرية. ولا يزال المشروع مستمراً. وبالعودة إلى جان كوكتو، فقد كان يسمي ذلك «المخمل الأسود».