نذير رضا

أعاد الجيش اللبناني تثبيت الخط الحدودي مع سوريا، عبر انتشاره في مناطق حدودية حررها من تنظيم «داعش» متاخمة للحدود السورية في شمال شرقي لبنان، ويستكمل التجهيزات لإطلاق المرحلة الأخيرة من عمليته «فجر الجرود» لطرد تنظيم داعش بالكامل من المنطقة، وسط تأكيدات قيادة الجيش «بعدم وجود أي وقف لإطلاق النار ضدّ المجموعات الإرهابية حتى دحرها بصورة نهائية».

وفي وقت بدأت فيه المراكز الاستراتيجية لتنظيم داعش في المنطقة الحدودية بالتفكك، تحدثت معلومات عن أن مجموعات من «داعش» على الضفة السورية من الحدود، عرضت المفاوضات على «حزب الله» والنظام السوري للتوصل إلى تسوية.

وقالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط»، إن مجموعات تقدر بالعشرات «أرسلت مبعوثاً سورياً إلى (حزب الله) لعرض مبادرة تقضي بالسماح لتلك المجموعات بالمغادرة إلى شرق سوريا (دير الزور)»، مشيرة إلى أن تلك المجموعات «يُضيَّق عليها الخناق بعد أن سيطر الجيش اللبناني على المناطق الحدودية وطردهم من لبنان، بينما يقلص «حزب الله» والجيش السوري النظامي مناطق سيطرتهم في الجانب السوري، خصوصاً بعد توغُّل مقاتلي الحزب في مركز قيادة «داعش» الأخير في وادي ميرا. ولم يكشف المصدر عن مزيد من التفاصيل.

على الضفة اللبنانية من الحدود، أكدت الحكومة اللبنانية أمس، تفويضها للجيش بتسلم كل الحدود، حيث شدد رئيسها سعد الحريري، خلال تفقده، مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، الوحدات العسكرية المنتشرة في المواقع الأمامية في رأس بعلبك، على أن «الجيش اللبناني هو المسؤول عن كل الحدود، ونعمل على هذا الأساس، وتدعيمه بكل الوسائل التي يحتاج إليها لحماية استقرار لبنان وحدوده»، واعداً بتأمين ما يحتاج إليه الجيش.

وبعد نحو خمس سنوات على فتح التنظيمات المتطرفة الحدود على الجهتين، إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها الحدودية مع لبنان، ضبط الجيش اللبناني الحدود مرة أخرى، وأعاد تثبيت النقاط الحدودية بين البلدين التي تثبتها الخرائط بحوزته، إثر طرد تنظيم داعش من نقاط حدودية كان يسيطر عليها.

وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش اللبناني بات منتشراً على 65 في المائة من الخط الحدودي مع سوريا في منطقة العملية في جرود القاع ورأس بعلبك، لافتة إلى أن المساحة الباقية دون سيطرة، هي العائدة لمنطقة وادي مرطبيا التي ستكون المرحلة الرابعة والأخيرة من العمليات لتطهير الجرود اللبنانية من «داعش».

وقالت المصادر إن الجيش «يعيد تموضع قواته ونشرها وتنظيمها، وتنظيف المناطق التي سيطر عليها من الألغام»، مؤكدة أن قواته «باتت تشرف نارياً على وادي مرطبيا وتستهدف تحركات التنظيم فيه بشكل متواصل».

وإذ رفضت المصادر تحديد موعد انطلاق المرحلة الأخيرة من العملية، كونها محصورة بقيادة الجيش، جددت التأكيد على أن الجيش يرفض وقف إطلاق النار، والمعركة ضد تنظيم «داعش» متواصلة حتى تحرير الأراضي اللبنانية من الإرهاب.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، أمس، في بيان صادر عن «مديرية التوجيه»، أن وحدات الجيش باشرت، اعتباراً من فجر أمس، «تنفيذ عملية إعادة تمركز وانتشار في كامل البقعة التي حررتها من تنظيم داعش الإرهابي «خلال الأيام الماضية»، مشيرة إلى أن وحدات الجيش «تواصل استعداداتها الميدانية تمهيداً للقيام بالمرحلة الرابعة من عملية «فجر الجرود»، فيما تقوم الفرق المختصة في فوج الهندسة باستحداث طرقات جديدة وأعمال تفتيش بحثاً عن الألغام والعبوات والأفخاخ لمعالجتها فوراً.

وتعد عملية الجيش في الجرود «نظيفة»، بالنظر إلى أن عدد شهداء الجيش بلغ 5 فقط، ويعود ذلك بحسب متابعين إلى التحضيرات والاستعدادات والقصف المدفعي والجوي الاستباقي الذي «ضرب البنية الأساسية للتنظيم». ويقول مواكبون للمعركة لـ«الشرق الأوسط» إن عملية الجيش «حازت على تقديرات دول غربية، بالنظر إلى أنها تُنفَّذ وفق خطة محكمة، وتتسم بالمهنية والحرفية لناحية الإعداد وتنسيق القوى العسكرية في الميدان وغرفة القيادة».

وسجل مقتل أكثر من 35 عنصراً من تنظيم داعش، والرقم مرشح للزيادة في ظل عثور وحدات الجيش على جثث تحت الأنقاض، ويرفض بث صورها «التزاماً بالقوانين الدولية التي تحظر بث تلك الصور».

وبموازاة الاستعدادات لإطلاق المرحلة الرابعة والأخيرة من المعركة لطرد «داعش» من الأراضي اللبنانية، بدأت المراكز الاستراتيجية التي تضم تحصينات التنظيم ومراكز قيادته بالتفكك على ضفتي الحدود، إثر العمليات العسكرية. وغداة سيطرة الجيش اللبناني على منطقة الكف التي تتضمن تحصينات للتنظيم ومقرات قيادته، أفاد «الإعلام الحربي» التابع لحزب الله بأن عناصر الحزب دخلوا إلى وادي ميرا الذي يُعدّ ثاني أبرز مركز قيادة للتنظيم في القلمون الغربي، ويتضمن تحصينات له، ويبدأ من بلدة قارة السورية مروراً بجرودها، وجنوب سن فيخا، وحرف بلوسة، وشمال «مرتفع حليمة قارة»، وصولاً إلى وادي حميد في جرود عرسال اللبنانية.