مشاري الذايدي

 أثار الداعية المصري عمرو خالد - وهو يفعل ذلك منذ طفوه على سطح الأخبار - اللغط بعد مقاطع فيديو بثها لنفسه في موسم الحج المنصرم هذا.

من هذه المقاطع تسجيل له وهو يدعو أمام الكعبة وعليه لبس الإحرام، وكان يدعو بحرارة... وتفاعل صوتي وجسدي لافت. بثها لرواد صفحته ومتابعي حساباته على الإنترنت، الأمر الذي أثار زوبعة من النقد والسخرية من أطراف كثيرة، والأسى الديني من آخرين... وطبعاً أطراف أخرى دافعت عن نجم الوعظ التلفزيوني المصري عمرو خالد، وقالت إن الهجوم عليه ظالم.
هو نفسه ترافع عن تسجيلاته، وليس تسجيلاً واحداً، في المشاعر المقدسة وأيام الحج، بدعاوى تحدث عنها في عدة أحاديث. ترافع بما خلاصته أنه مستهدف ولم ينصفه أحد، وأنه يحب كل المسلمين، وأنه تم الاجتزاء من حديثه... إلى آخر المعاذير المعتادة في مثل هذه الأحوال.
القصة ليست في حكاية المصري النجم الوعظي التلفزيوني عمرو خالد. القصة فيما تشير إليه هذه الواقعة.
منذ اندلاع البراكين الفضائية... وتناسلها، ثم منصات التفاعل الاجتماعي على الإنترنت، ونحن أمام ظاهرة جديدة على مجال الإرشاد والوعظ الديني، بتوظيف العاطفة الدينية التلقائية لدى الناس. وهذه المرة ليس كبار السن أو من تكوّن أصلاً على الطريقة القديمة في تلقي التوجيه الديني؛ بل باستهداف الشباب الأصغر فالأصغر... ومعهم فئام من الفتيات الباحثات عمّن يمنحهن جرعة دينية «مودرن» بأسلوب عرض حديث. يعني بالخواجاتي: «غود بريزنتيشن».
هذا الأمر؛ أعني الوعظ بطريقة شعبوية... جريئة في عرضها ومضمونها، دون مراعاة لمعايير الصرامة في النصوص والمعاني، كان مداناً في تراث العلماء الأقدمين، ويسمون من يمارسه «القاص» و«القصاصين».
حديثاً قبل ثورة الفضائيات والإنترنت، عرفنا أسماء جلّهم من جماعة الإخوان وظفوا الوعظ وخطب المساجد للترويج لأهداف وأساطير الجماعة بمواهب خطابية. وكان جديداً إلقاء النكات العامية على المنبر.
الحاصل الآن مع نجوم الفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعي؛ تطور الأمر بشكل أفدح، وتحول الواعظ الجديد لنجم الإعلانات المليونير، ومن تخطب وده الشركات والوزارات أيضاً.
هل هو خلل في النجم، أم في الجمهور الذي جعله نجماً، أم في مكان آخر؟
الأكيد أنه لم تبقَ قيمة عليا في هذا الزمان لم تستنزف مياهها العذراء.