علي سعد الموسى 

سأختار لكم هذا الصباح من نظريات عالم النفس الشهير، سيلفر كلاين، قوله إن الطفل يبدأ ما بين الثامنة والعاشرة من العمر رغبة التشدد بالمواقف والآراء لمدة أربع وعشرين ساعة. بعدها ينسى ليبدأ دورة مواقف جديدة.
لكن تميم قطر، هداه الله وأصلحه لم يتماسك ولم يتمسك على الأقل ليكسر رقم طفل، لم يملك الصبر الدبلوماسي، وهو حاكم دولة، لأكثر من ربع ساعة حتى عاد لنسيان تفاصيل آخر مكالمة هاتفية قد تكون أهم مكالمة في حياته السياسية. كيف يمكن لقلب الرياض الواسع الكبير أن يثق في كلمة شقيق لعشرين سنة قادمة وهو الذي لم يتمكن من أن يحافظ على وعوده التي أعطاها في المكالمة الشهيرة ولو لمجرد ربع ساعة؟
وإذا ما أردت عزيزي المواطن القطري الشقيق، وعزيزي القارئ في العموم، أن تقرأ قصة هذه «الربع ساعة» ما بين اتصال أمير قطر بالأمير السعودي، محمد بن سلمان وبين بيان وكالة الأنباء القطرية بكل ما فيه من تحريف وفبركة لتسلسل الوقائع، فما عليك إلا أن تقرأ التغريدة الأولى لعزمي بشارة وهو يعلق على ما حدث، بعدها أيقنت شخصياً أن جوهر السؤال: هل نتحاور مع تميم ومع القيادة القطرية، أم نذهب مباشرة للحوار والتفاوض مع عزمي بشارة؟ 
هذه بالضبط مشكلة «وحدة الخليج» مع الدوحة، الأخيرة لم يعد لديها رؤية التمييز بين استقدام عامل كهرباء وبين استيراد باحث مفكر يكتب بيانات وآراء رأس الدولة، لم يعد لديها فرق بين تجنيس رأس حربة يلعب في قلب هجوم منتخبها الوطني وبين استقدام رأس حربة مسموم يلعب بسياساتها، حتى مع الأشقاء دون أن يظهر عاقل قطري ليقول لهم: كفى.... هذه مسألة تاريخ ووجود. ومرة أخرى، سأطلب من الإخوة الكرام في قطر أن يرشدونا إلى اتجاهات البوصلة القطرية: هل نجيب عن اتصالات تميم ثم نعلن عن هذا الاتصال، أم ننتظر حتى يتمكن السيد عزمي بشارة من اختزال الموقف القطري في 140 حرفاً ثم يقرر إرسال التغريدة. باختصار صريح واضح لا لبس فيه: هل نتفاوض مع تميم «الكربون» أم نذهب مباشرة للحوار مع «الأصل» عزمي في النسخة النقية الأولى للسياسة القطرية.
باختصار نهائي: لماذا لم يتم هذا الاتصال من الأمير القطري إلا بعد مئة يوم من الركض القطري باتجاه تعقيد المسألة؟ الجواب الوحيد: لأن عزمي بشارة كان يقضي إجازته السنوية اللندنية. لم يظهر على حد علمي ولو لدقيقة واحدة على قناة الجزيزة خلال أيام الأزمة، عاد من إجازته لينسف الأمل الوحيد بانتهاء هذه الأزمة بعد المكالمة بربع ساعة. هذه هي حقيقة الوقائع.