عبدالرحمن الطريري

يوم 15 سبتمبر، اليوم الذي تحدثت عنه وسائل إعلام قطرية وشخصيات محسوبة على قطر، بأنه سيكون يوم حراك سياسي في السعودية، خرجت فجر ذلك اليوم تغريدة على موقع تويتر، من شخصية قطرية رياضية معروفة.

ونص التغريدة «حراك الفقيه قبل سنوات فشل إعلاميا وجماهيريا، حراك اليوم سيفشل جماهيريا ولكن نجح إعلاميا، طوارئ وقطع إنترنت وتويتر»، وسبق ذلك بتغريدة عن القبض على بعض الشخصيات الحركية في السعودية، مقارنا هذه الخطوة بما قام به السادات.

وهذا يشير ابتداء إلى المشكلة القطرية في غياب الكوادر الوطنية المؤهلة، فلا يوجد محللون سياسيون عميقون ولا كتاب يضاهون نظراءهم في الخليج، وهذا يأتي بشكل رئيس من تقنيات حكم الشيخ حمد طوال عقدين، والتي تتركز على الاستعانة بالعنصر الأجنبي، وكما أن اللاعب المجنس لن يكون سهلا عليه ترديد نشيدك الوطني واستشعار كلماته، فالصحفي المستورد لن يكتب مدافعا عن وطنك لأنه ببساطة ليس وطنه.

وبالتالي استعانت بحسابات الشخصيات القطرية التي جذبت عددا من المتابعين، نظرا لحصول قنوات قطرية على حقوق بث عدة بطولات، بالإضافة لجزالة العطاء على ضيوف هذه القنوات، حين كانت تنقل بطولة خليجية من الرياض مثلا، لكن وجود هذه القاعدة من المتابعين لا يعني أن الشخصية الرياضية سيكون لديها فهم سياسي وقدرة على المناكفة على أقل تقدير.

وإذا عدنا إلى التغريدة السابقة والتي تربط بين حراك الفقيه وحراك 15 سبتمبر، فحقيقة لا أعرف هل وصلت الحماقة درجة كشف كل الأوراق وتبيان دعم قطر للمعارضة الكرتونية في لندن، وأي خدمة قدمتها هذه الحماقة لتجعل كل ما تقوله هذه الأصوات مرفوضا لأنها عمالة أجنبية.

هذه التغريدة بينت لكل مواطن سعودي، أن الحديث عن مطالب منطقية وذات وجاهة، من قبيل تحسين الخدمات أو محاربة الفساد، أو حل مشاكل الإسكان وتخفيض نسب البطالة، هو كلام طيب ونطالب به، لكن يجب حين تسمعه من أحد، أن تتأكد هل يريد فعلا ذلك، أم أنه يريد زعزعة استقرار المملكة، وما هذه المطالب إلا مطية لجلب أصوات مؤيدة عن حسن ظن.

الأمر الآخر هو القبض على شخصيات طالما شاهدناها تحج بين الدوحة وإسطنبول، علاقتها بقطر بشكل يستهدف المملكة لم تعد محل ظنون، فالكثير منهم يحمل وثائق سفر قطرية يستخدمها بعد وصوله الدوحة، حتى يصعب ترقبه بعد خروجه من الدوحة، والعديد من الصلات المالية مع النظام القطري، والكثير لم يعلن عنه بعد.

صاحب هذه القرارات فرحة بالنجاح الاستباقي للقوات الأمنية، والقبض على خلية كانت تستهدف مقرين لوزارة الدفاع، وهو النجاح العاشر خلال العام 2017، بالقيام بعمليات استباقية ضد عناصر إرهابية، ولكن في نهاية الأمر داعش أو القاعدة هي العنوان، أما المحرك دوما فهو أجهزة استخبارات وأنظمة دول، يزعجها أمن المملكة والنجاح الكبير للحج.

لكن وكعادة الرماديين، يخرج بعض المغردين الشعبويين، للحديث عن كيف أنه لا يجوز أن يشمت مواطنون بالقبض على مواطنين آخرين، هذه العناوين الشعبوية التي تضلل الرأي العام، فالقبض على مجرم أو إرهابي، لا يجب أن يؤخذ بهذه السطحية، وهذا القبض من المفترض أن يسعد كل مواطن، ووجود عملاء ومجرمين بين ظهرانينا ليس من باب «التنوع المجتمعي» والاختلاف في وجهات النظر.

لغة الخطاب لهذه المنطقة الرمادية، هي التي تحدثت بداية الأزمة عن اللحمة الخليجية، وهي التي تصدت لكل شخص دافع عن وطنه وتصدى لكل الأصوات الممولة قطريا، فكانت أن وصمتها بأنها توزع صكوك الوطنية، هي التي صمتت حين كانت فضائح النظام القطري تظهر كل يوم، كمشاريعها مع الحوثي وحزب الله ودعم الإرهاب في مصر والبحرين.

اليوم الوعي الكبير لدى السعوديين على الشبكات الاجتماعية، كان هو الدرع ضد كل الحملات القطرية منذ بداية الأزمة، وضد مساعي الحراك الطامحة له قطر، وأعتقد أن الوعي بدأ يرتفع لتفنيد خطاب الشعبويين أرباب المنطقة الرمادية.

فلم يعد مقنعا أن وطنيتك تدفعك للحديث دوما بعناوين مثل: إلى متى يا وزير الإسكان، إلى متى يا وزير التعليم...، ثم تنام بهدوء وقرير العين كالأطفال بالإعلانات التلفزيونية، كلما جاء الحديث عن مخططات النظام القطري لزعزعة أمن المملكة، ويبقى الوعي خصم الشعبوية.