محمد الحمادي 

بعد بيان الشيخ بن عبدالله بن علي آل ثاني الذي أصدره أول أمس والذي دعا فيه إلى اجتماع أبناء الأسرة من آل ثاني للتباحث في أزمة مقاطعة قطر استمعنا وشاهدنا البارحة كلمة الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني المسجلة من باريس والتي أيد فيها دعوة الشيخ عبدالله بن علي للاجتماع وتمنى من الأسرة الحاكمة والأعيان الاستجابة لدعوة الاجتماع، واعتبر الشيخ سلطان أن الوضع في قطر صعب وعبر عنه قائلاً: «وصلنا إلى حافة الكارثة» بعد أن سمحت الحكومة للدخلاء والحاقدين ببث سمومهم في كل اتجاه.

وأشار الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني إلى نقطة مهمة تؤرق كل قطري عندما قال «أخشى أن يرتبط اسم القطري بالإرهاب».

بعد هذه الكلمة المهمة أعتقد أن الطبيعي والمنطقي هو أن تستفيد الحكومة القطرية من جهود الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني وتتعامل معه كجزء من الحل لأزمتها مع أشقائها العرب، لا أن تعتبره جزءاً من المشكلة، أو أنه شخصياً مشكلة مستقبلية له، فمن يتابع الشيخ عبدالله منذ ظهوره منتصف أغسطس الماضي في مشهد الأزمة الأخيرة مع قطر يلاحظ أن دوره كان متزناً ومتوازناً، لذا فقد كان، ولا يزال، مقبولاً، فهو يحتفظ بالاحترام للقيادة للقطرية الحالية، وفي الوقت نفسه يحافظ على حبل الود والاحترام مع القيادة في المملكة العربية السعودية، لذا نجح في حل أزمة الحجاج وقبلت السعودية وساطته في ذلك، فحج أكثر من 1500 قطري في الموسم الحالي.

أما البيانان اللذان صدرا حتى اليوم من الشيخ عبدالله بن علي وسلطان بن سحيم، فيؤكدان حالة التململ بين الشعب القطري، ويكشفان أن الصمت الذي استمر لدى أغلب القطريين لأكثر من مائة يوم يعود لولائهم لوطنهم ولقيادتهم ولظنهم أن بلدهم قد يكون ظُلم في هذه المقاطعة، لكن مع مرور الأيام يبدو أن الشعب القطري قد اكتشف الحقائق، لذا فإنه يريد نهاية لهذا الوضع الذي أصبح مملاً ومزعجاً بالنسبة له، وهذا ما دفع الشيخ عبدالله بن علي لإصدار بيان يدعو فيه أبناء الأسرة الحاكمة للجلوس والاجتماع والتباحث في شأن هذه الأزمة، وإعادة الأمور إلى نصابها، وحماية وجود قطر ضمن المنظومة الخليجية، وهو ما جعل سلطان بن سحيم يؤكد هذه الدعوة.

إن ما يقوم به البعض من داخل قطر وخارجها من أتباع نظام قطر من زعزعة لـُحمة الخليج، وتحريض وتدخل في شؤون الدول الأخرى بلا شك لا يرضي الكثيرين من أسرة آل ثاني، كما لا يرضي السواد الأعظم من الشعب القطري الشقيق، لذا سمعنا صوت العقل والكلمة الشجاعة والموقف الخليجي الأصيل من هذين الشيخين اللذين يمثلان شرفاء وعقلاء قطر ممن لا يرضون الارتماء في الحضن الإيراني، أو التركي، كما لا يقبلون الإساءة للدول الشقيقة من دخلاء ومرتزقة، ولا يقبلون أن تكون الدوحة ملجأ للإرهابيين والمطلوبين دولياً، ولا يقبلون أيضاً أن تقوم دولتهم بدور المموّل للجماعات الإرهابية وللأطراف التي تعمل ضد حكومات الخليج والحكومات العربية، وباختصار فإن ما يريده ابن علي وابن سحيم هو ما تريده الدول الأربع المقاطعة، وهو ما لا يتعارض مع العقل والمنطق، بل على العكس هو عين العقل والمنطق، فهل يفتح النظام القطري أذنيه قليلاً لهؤلاء العقلاء من أبنائه ممن يريدون الخير لبلدهم ولخليجهم ولأمتهم العربية، أم سيبقى أسيراً لإخوان عزمي وإخوان شريفة، الذين لا يريدون الخير لقطر، ولا للمنطقة، ولا للعرب؟

نتمنى ألّا يضيع النظام مزيداً من الفرص، فالفرص التي أضاعها خلال الأشهر الثلاثة الماضية كبيرة واستمراره فيها يعكس قصر النظر، وضيق الأفق الذي سيؤدي بقطر إلى أن تكون الخاسر الوحيد في هذه الأزمة، فالخطأ لا يدوم مهما طال زمنه.