عبير الفوزان

ابن بجاد باحث في شؤون الجماعات المتطرفة من إخوان ودواعش وقاعدة، بينما أنا كنت -حي الله- رئيسة تحرير مجلة مدام فيغارو الفرنسية بنسختها العربية والمتخصصة بشؤون المرأة من أزياء وتجميل وديكور وسفر وكل الحياة المترفة للمرأة المثقفة، بالإضافة إلى أني أعشق السجاد الإيراني والأفغاني والعثماني! أما سبب سردي لهذه المقارنات المتفاوتة بيني وبين الكاتب وكتابة هذا المقال، فهو يرجع لتعليق كتبه ابن بجاد في السطرين الأخيرين عن ظهور والدة ابن لادن، فجاء فيما كتب: «خرجت السيدة عالية غانم في الصور بملابس راقية تنم عن ذوق رفيع».. انتهى.

عالية غانم.. سبعينية مازالت باذخة الأنوثة.. مسرفة في التجمل، وكأنها تمسك بحبل الزمن خوفا من أن يفلت من يدها فهي لا تزال تعيد بالكحل طبع طبعات الحسن في وجهها، كما أراهن أنها لم تمارس قط أعمالا بيتية، هذا ما تشي به أظافرها المشذبة بعناية... بنظرة خاطفة للصورة قبل أن أقرأ الحوار كونت فكرة لا بأس بها عن أم أسامة التي أجزم أنها كانت أقوى من ابنها شخصية وحضورا أيضا.

مع تلك النظرة الخاطفة توقفت عند فستان أم أسامة، الذي أبهرني، ليس لأنه راقٍ أو ينم عن ذوق رفيع، كما قال ابن بجاد، بل لأنه زاخر بطبعات لصور السجاد الأفغاني، وتحديدا المحمدي، والقوقازي، فمن أين جاء هذا الفستان العجيب الذي يعد خارج إطار الأناقة العالمية، وداخل إطار الفلكلور الشعبي لأفغانستان وما جاورها.

أحيانا.. أقول أحيانا، وليس دائما، تعشق شكلا فنيا لمن يقف على النقيض من أيديولوجيتك، فتبحر في التفاصيل حد الشغف، فالمخرجات الفنية والذوقية تختلف تماما عن تلك المخرجات الأيديولوجية السياسية وحتى الدينية.