ماذا بعد تسع سنوات على إنشاء فريق لبنان في لجنة ترسيم الحدود؟

ثريا شاهين

في غمرة إعادة الحديث الدولي عن ضرورة التزام لبنان بالقرارات الدولية، ولا سيما منها القراران ١٥٥٩ و١٧٠١، لا تنسى اوساط ديبلوماسية القرار ١٦٨٠، وهو الذي صدر في ضوء صدور القرار ١٥٥٩، والذي يطالب بترسيم الحدود اللبنانية - السورية.

هذا القرار لم يطبّق. وفي ٢۳ كانون الاول الفائت، يكون قد مضى على انشاء لبنان فريقه في لجنة ترسيم الحدود اللبنانية - السورية تسع سنوات وفق المرسوم ١٠٤٠ تاريخ ٢۳/١٢/٢٠٠٨. لبنان بموجب هذه اللجنة قام بتحضير ملف ترسيم الحدود، وعقد الفريق اللبناني برئاسة الامين العام لوزارة الخارجية والمغتربين آنذاك السفير وليم حبيب سبعة اجتماعات، ادت الى التوصل الى ملف جاهز للبحث مع الجانب السوري. وتضمن الملف كافة الخرائط والدراسات المتصلة بتحديد لبنان لحدوده مع سوريا. وهذه اللجنة شكلها مجلس الوزراء باعتبار ان اللجنة القديمة كان مر عليها ٢٠ سنة. وجاء الامر بناء على زيارة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان لسوريا، وحيث جرى الاتفاق على ترسيم الحدود، وحصلت وعود سورية بالتجاوب.

وحتى قبيل اندلاع الحرب السورية التي اعاقت الترسيم، اجريت اتصالات لبنانية مع السوريين للبدء باجتماعات الطرفين اللبناني والسوري لمناقشة موضوع الترسيم والتفاهم حوله لكن الجانب اللبناني كان يستنتج دوماً ان دمشق تتهرّب. في حين انه في تلك الاثناء اجتمعت اللجنة السورية - الاردنية، وجرى الاتفاق النهائي حول الترسيم. إلا أن المسؤولين اللبنانيين لم يشعروا ولو لمرة واحدة ان هناك ارادة سورية للترسيم او نية لإنهاء هذا الملف.

فالترسيم بحسب مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، يريح لبنان، ويقفل المجال امام الحجج بأن الحدود غير واضحة المعالم، ويمكّن لبنان من اقامة خندق على طول الحدود الشرقية لمراقبتها من التسلل، مع الاشارة الى ان الحدود الشمالية تعتبر مرسمة مبدئياً من جراء وجود النهر الكبير. بينما شرقاً هناك العديد من الاراضي المتداخلة والتي يجب تحديدها. كذلك هناك دخول سوري الى اراضٍ لبنانية في مواقع كثيرة. واذا ترسّمت يمكن للبنان وضع مراكز مراقبة اكثر ومراكز حماية. لكن في حال استمرار عدم الترسيم، لا يمكن للبنان خلق ازمة عبر وضع مثل هذه المراكز لكي لا يعتبر الامر تعدياً، في انتظار حل الاشكال. في منطقة القاع مثلاً، يبعد مركزا الجمارك والامن العام اللبناني عن مثيليهما السوريين لان الترسيم غير موجود. ولو كانت الحدود مرسمة قبل اندلاع الحرب السورية، لكان الامر وفّر على لبنان مشكلات سياسية كبيرة، منها تهريب الاشخاص والسلاح. وتفيد اوساط خبيرة في الجغرافيا الحدودية، بأن طول الحدود اللبنانية - السورية يبلغ ۳٧٩ كلم. ولو شاءت الظروف لجعل انتصار الجيش الاخير في الجرود شاملاً لكل الحدود الشرقية، لكانت عملت اللجنة الفنية في الجيش على التواجد وترسيم الحدود على القمم، مما يضع الفريق الآخر تحت الامر الواقع للاعتراف بذلك.

وتقول هذه الاوساط، ان قسماً من الترسيم انجز سنة ١٩۳٥. وقبل ذلك في ١٩۳٠ كان السوريون ينزلون من وراء عرسال لزراعة الارض هناك وكانت تحصل مشاكل بينهم وبين اهالي عرسال حول ذلك. فقام آنذاك المفوض السامي الفرنسي بتأليف لجنة لترسيم الحدود لمنع الخلافات بين البلدين، وحصل ترسيم مبدئي للحدود بناء على القرار ١١٨ حول اعلان لبنان الكبير اي اعلان غورو. والترسيم آنذاك حتى بعلبك على الجبال والقمم، وعلى مسافة ٤٠ كلم فقط. وهذا النوع من الترسيم له اهميته لانه تناول خط القمم واعلى نقاط الجبال وهذه الاعالي تعتبر نقطة تقاسم المياه بين البلدين. وهذا ايضاً يثبت مقولة ان الحدود هي على خط القمم.

وتبرز اهمية الاعتراف اللازم بالحدود، لانه بحسب الاوساط، فان عدم الاعتراف بها يعني عدم الاعتراف بكيان الدولة السيدة الحرة المستقلة النهائية.

لذلك تم التشديد دولياً وبعيد ما حصل حول الاستقالة، على القرار ١٥٥٩ الذي يتحدث عن خروج السوريين وعن نزع السلاح، والذي أُعقب بالقرار ١٦٨٠ الذي يجسد الاعتراف بالحدود وتالياً بالسيادة.

وهذا ما كان محور موقف مجلس الامن بعد اجتماع مجموعة الدعم الدولية في باريس اخيراً. فالقرار ١٥٥٩ هو تدويل لاتفاق الطائف، والقرار ١٦٨٠ قرار تطبيقي. ومجلس الامن شرعن الكيانية اللبنانية، ووقف ضد من كان يعتبر لبنان امتداداً لاراضيه مثل مقولة سوريا الكبرى او اسرائيل الكبرى.