أحمد أميري 

قد تكون كلمة «هُلّيله»، والتي تعني الجلبة والصخب، أدقّ وصفٍ لما فعله نائب رئيس جمعية المحامين القطرية، إثر صدور حكمٍ من محكمة كويتية بسجن الكاتب فؤاد الهاشم سبع سنوات، بعد اتهامه بكتابة تغريدات اعتبرت مسيئة لدولة قطر.

المحامي المذكور يمثل دولة قطر في الدعوى المرفوعة ضد الكاتب الكويتي، وكتب في «تويتر» مهنئاً رئيس الوزراء القطري السابق بالحكم، وكذلك وزير الخارجية القطري الحالي، الذي وصفه بأنه كان السبب الرئيسي لكسب القضية! ووزير الدفاع القطري السابق «على موافقته بانضمام الضباط في الدعوى» كما قال، وكذلك وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري الحالي على «استمرار دعمه وموافقته بانضمام الضباط»!

وزفّ المحامي القطري التهنئة للأمين العام لوزارة الخارجية القطرية، وللسفير القطري في الكويت، وكذلك لمجموعة من المحامين الكويتيين، داعياً إياهم للحضور إلى الدوحة للاحتفال. وتوجه بالشكر لمن كان «بقلبه ومشاعره» مع الفريق القانوني الذي أسند إليه مهمة ملاحقة الكاتب، وختم المحامي برقيات التهنئة للشعب القطري، وللأمير القطري، ولوالده أيضاً.

‏الأمر مضحك بعض الشيء، إذ من الواضح، من واقع تلك «الهُلّيلَه»، أن الدولة القطرية، وأركانها، ومؤسساتها، اجتمعت على مطاردة شخص قال رأيه في سياسات وأجندات الدوحة، كأن حبس الرجل كان هدفاً استراتيجياً للدولة القطرية، إلى درجة أن ثلاث صحف قطرية خصصت أجزاء من صفحاتها للشماتة بالكاتب، وسخرت حتى من «كرشه».

والكلام هنا ليس عن الحكم بحدّ ذاته، إذ لم تخرج المحكمة التي أصدرته عن مقتضيات القوانين النافذة في الكويت، وهي القوانين نفسها المعمول بها في كل الدول الخليجية والعربية، وإنما الكلام عن نظام يلاحق من يتعرض له بكلمة واحدة، في حين أنه ضُبط متلبّساً بجرم التآمر على السعودية، وبمحاولة زعزعة أمن الإمارات والبحرين ومصر وغيرها.

الكلام عن نظام لم تهدأ ماكينته الإعلامية عن الإساءة للدول، والنيل من قادتها، وزرع الفتن بين أهلها، وتشجيع الإرهاب ما ظهر منه وما بطن، وهي جرائم كبرى تعرض أمن وسلامة واستقرار ومستقبل الشعوب الخليجية والعربية للخطر. ولو فُعّلت القوانين النافذة في قطر نفسها، لحكمت محاكم الدوحة بمصادرة تلك الماكينة وإتلافها وإيداع القائمين عليها في السجون.

هذا من جانب، ومن جانب آخر ستحتفل الدوحة وتعلق المصابيح في شوارعها لصدور حكم على شخص عبّر عن رأيه، وهو رأي يعرّض صاحبه فعلاً للمساءلة الجنائية وفق القوانين المعمول بها في الدول الخليجية كافة، لكنه رأي غير مجرّم وفق الدول الغربية التي تجري فيها قطر «هُلّيله» ضد دول المقاطعة، مدعية أن هذه الدول تعاقبها بسبب ما توفره من حرية رأي وتعبير وفق الفهم الغربي لهما.

ربما وقع الكاتب في المحظور وفق القوانين السائدة في بلده، لكنه بالنسبة لقطر، ألزمها بما ألزمت نفسها بها، وهي أنها واحة حرية التعبير في المنطقة وفق النموذج الغربي للحرية، وغرّد عنها بالطريقة نفسها التي تنبح فيها على الدول الخليجية والعربية ليل نهار، لا أقل ولا أكثر.