علي سعد الموسى

إنها العدو التقليدي لمستقبل الإنسان إلى عوالم توليد الوظيفة. احتاج أكبر مباني الولايات المتحدة (إمبايرستيت) في مدينة نيويورك إلى ما تقول الأرقام إنه يفوق 40 ألف عامل لإكمال المبنى منتصف القرن الماضي. اليوم تتحدث ذات الأرقام عن الحاجة إلى أقل من 5 آلاف عامل في وظائف مباشرة وغير مباشرة لإكمال بناء أكبر فندق في العالم في لاس فيجاس. حجمه المسطح يفوق الأول كما تقول الأنباء بالثلث. مرة أخرى إنها الحرب الضروس ضد الوظيفة من قبل الآلة والتقنية. وبالضبط حسبتها: ما يقرب من 10 موظفين فقط يديرون اليوم فرع أحد أكبر البنوك المحلية على ناصية شارع الحي في مدينتي، وكما يقول مسؤول الفرع: كنا سنحتاج لما يقل عن 30 نافذة انقرضت تماما بانقراض عصر الفواتير الورقية وانتهاء بنوك المستندات الورقية.


الهاتف المصرفي اختزل كل علاقتي الشخصية مع البنك الذي كنت أذهب إليه في ما يشبه غارة أسبوعية. مكتب خطوط الطيران الذي كان الطابور إليه أرقاما بالمئات أصبح اليوم مجرد متحف لأطلال خلت.
اقرأ معي أيضا نص هذا الخبر: ستوفر الأرشفة الإلكترونية للملفات الطبية لملايين المرضى في السعودية 
ما يفوق 10 آلاف وظيفة، ذلك أن المريض سيتحول إلى مجرد رقم إلكتروني متاح أمام أي طبيب أو مستشفى يذهب إليه، وهذا يعني ضمان عدم تكرار الفحوصات والأشعة والإجراءات المختبرية. خبر موجب جدا من حيث المضمون والنتيجة، ولكنه في المحصلة الوظيفية يعني تسريح آلاف الوظائف. وفي الأعوام العشرة الأخيرة، دخلت الآلة عبر الشبكة والحاسوب إلى المنجم التقليدي الهائل لضخامة الوظيفة. دخلت إلى التعليم عبر المقرر الإلكتروني الذي يضمن الكارثة المضحكة جودة المحتوى وبموارد بشرية أقل. وفي المثال، بجامعة كاليفورنيا تسعة أفرع في تسع مدن، ولكنها من فرع (باسادينا) تبث محاضراتها إلكترونيا إلى كل الفروع، بما يصل اليوم إلى ما يقارب ربع المقررات الدراسية. تدفع لأستاذ جامعي واحد يتميز، فيما هي في الأصل تستغني عن ثمانية. ثورة التعليم التقني القادمة هي إلغاء المدرسة والفصل التقليدي ومعهما المعلم. جيل سيأتي وسيكون البيت هو المدرسة عبر أنظمة تعليم إلكتروني تستقطب المعلم الأكفأ، وتضمن للطالب الحضور والمشاركة والتفاعل مع المادة التعليمية، بما لا يستطيع الفصل التقليدي أن يضمنه. الخلاصة النهائية أن الآلة والتقنية ستكونان المسؤول الأول عن البطالة.